إن سألت أحدهم عن أكثر شيء يفتقده اليوم لأجابك " السلام" نعم السلام الذي يحتفي العالم في الواحد والعشرين من سبتمبر من كل عام باليوم العالمي له فيما وطننا وبلداننا العربية وشعوب العالم قاطبة تفتقده .
السلام لا يقتصر على المفهوم الراسخ في عقول كثيرين بانه وضع اللاحرب بل إن السلام يتجاوز ذلك ليشمل معاني عظيمة وكثيرة مثل الحب والتعايش وقبول الأخر وتقدم المجتمعات وتطورها وازدهارها و..الخ.
السلام أن تحترم الإنسان وتحبه فقط لإنه إنسان بغض النظر عن دينة ومعتقده وطائفته وعرقه وجنسه أو لونه فنحن لم يكن لنا الخيار أن نختار لوننا أو شكلنا أو أو عرقيتنا أو لهجتنا .. الخ كله هذه الأشياء لم يكن لن الخيار في اكتسابها فعلام إهانة بعضنا بعضا بسبب جنس أو لون أو لهجة.
لقد خلقنا الله مختلفين في ألواننا وأشكالنا وأجناسنا ولغاتنا وجعل ذلك آية من آياته " وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَٱخْتِلَٰفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَٰنِكُمْ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍۢ لِّلْعَٰلِمِينَ" (الرّوم - 22) ثم تجد منا من يحتقر الأخر بس لونه أولهجته ولعمري أن من يفعل ذلك إنما يسيء للخالق الذي اوجد هذا التنوع العظيم والجميل بيننا.
قبيلتك، عرقيتك، مذهبك، دينك،لهجتك، أشياء تخصك أنت ولا تعطيك الأفضلية فيما كان على الأخرين، نعم يحق لك ان تفخر بنفسك ووطنك وهويتك وأصلك ولكن ليس على حساب الأخرين ولا بالشكل الذي يجعلك تشعر بالأفضلية والنبي صلى الله عليه وسلم أكد أعلى هذا المبدا في خطبة الوداع " لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوي" وهنا يجب أن نؤكد على شيء مهم وهو أن شعور المرء بالأفضلية بسبب لونه أو جنسه أو عرقه او دينه هو في الأصل مبدأ شيطاني كان إبليس أول من ابتدعه ونادى به حين جعل من مادة الخلق أصلا للأفضلية " أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين".
اللهجات، العادات والتقاليد، الألوان، المذاهب، الأديان، كل هذه تشكل فسيفساء جملية تعكس عظم البلدان والشعوب ولكن نحن وللأسف جعلنا من هذا الاختلاف الجميل معول للهدم وأداة للفرقه وبث الشقاق والأحقاد.
في اليووم العالمي للسلام يجب استحضار النماذج الراقية التي تدعو للسلام والتعايش يجب استحضار نموذج التعايش الذي أسسه النبي في يثرب ووضع أسسه القانونية من خلال "ميثاق المدينة" والذي يمكننا القول بأنه اول نموذج انساني للتعايش بين فئات مختلفة في المجتمع، مختلفة في العادات والثقافة والهوية والانتماء والدين ، فاستحقت يثرب أن يطلق عليها اسم مدينة لأنها أصبحت نموذج للمدينة والتعايش هو ما يجب للمدن أن تكون عليه.
في اليوم العالمي للسلام يجب التأكيد على حقوق الفئات المستضعفة في المجتمع " النساء الاطفال وذوو الهمم" وقد آن الأون أن تمنح هذه الفئات حقوققها كاملة غير منقوصة، آن الأوان أن تحصل المرأة على حقوقها كاملة مثلها مثل الرجل "الحق في التعليم والعمل والتمثيل المتساوي مع الرجل" فهذه حقوق كفلتها لها جميع الأعراف والشرائع والدساتير فإذا كانت المرأة قبل الاسلام قد تقلدت أعلى المناصب فمن غير المعقول أن تتراجع اليوم خطوات إلى الوراء فالأمم يجب أن تمضي قدما لا أن تتراجع إلى الخلف خطوات وخطوات..
في اليوم العالمي للسلام يجب التأكيد على مبدأ الحرية حرية الرأي والفكر والاعتقاد وغيره فللانسان الحرية في قول ما يريد واعتناق ما يريد كذلك المجتمعات والشعوب فلها الحرية والحق في تقرير مصيرها فمن غير المنطقي ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين أن تجد دولة تفرض ثقافتها وهويتها وفكرها على دولة أخرى وهنا أتوجه للمفكرين والنخب بالشمال بالقول أنه لشعب الجنوب الحق في تقرير مصيره ولم يعد منطقيا البته فرض الوحدة بالقوة وقد آن الأوان للنخب الشمالية أن تحترم شعب الجنوب وحقه في تقرير مصيرة واستعادة دولته ولعمري أن دولتين متجاورتين جنبا إلى تنعمان بالسلام والأمن خير من دولة في ظاهرها واحدة بينما هي ممزقة من الداخل مقطعة الروابط والاوصال بين سكانها ومواطنيها .