الآن فقط آمنت ان في بلدنا مجاعة
تاريخ النشر: الجمعة 02 ابريل 2021
- الساعة:11:49:42 - الناقد برس/بقلم/ الدكتور عوض احمدالعلقمي
عادتي اكره امرين واعدهما من منغصات حياتي في محافظة عدن؛ الاول ازدحام المركبات والآخر حرارة الصيف ، والذي زاد الطين بلة هو انعدام دور شرطي المرور الذي لم يعد يستطيع القيام بتنظيم السيرفيخفف بذلك على المواطن شيئا من الآثار السلبية لذلك الازدحام فضلا عن خروج مايسمى بالكهرباء عن الخدمة الامرالذي هيأ للمناخ الساخن ان يعبث في المواطن كيف شاء...وكأي مواطن يعيش في بلاد العرب السعيدة تجدني اتابع الاخبارعلى مدارالساعة عبر وسائل الاعلام المختلفة فكنت كثيرا مااسمع مصطلح المجاعة يتردد في القنوات الاخبارية لكنني لم اصدق يوما ان بلاد العرب السعيدة تصبح في زمننا موطنا للجوعى الا عندما جلست في ليلة من ليالي شعبان في احد المطاعم انتظرطعام العشاء فماهي الا لحظات واذا بالطعام امامي على الطاولة،وضعت اللقمة الاولى في فمي ثم استرقت النظر على اليمين ثم على الشمال-خوفا على هاتفي الجوال الذي كنت قد وضعته على الطاولة بجانب العشاء - واذا بثلاثة من الشباب يحيطون بي من جميع الجهات على شكل دائرة نصف قطرها متران تقريبا الامر الذي جعلني اتوجس منهم خيفة اذ ذهب خيالي الى انهم يضمرون لي شرا ،فاسرعت في تناول العشاء دون ان اشعرهم بخوفي،انتهيت من العشاء فاخذت هاتفي ومفتاح مركبتي ثم هرعت الى المغسلة لغسل يدي وفي هذه الاثناء كنت استرق النظر الى الخلف واذابهم ينطلقون بسرعة البرق لالتهام فضلات الطعام وكانهم وحوش جائعة عندها فقط تسلل الى نفسي امران : الاطمئنان والخوف؛ الاول ان اولئك الشباب لم يكونوا يضمرون الاذى كماتوهمت والآخر هو تسلل الرعب الى نفسي عندما رايت اولئك الشباب - وهم في ربيع العمر- وقدتمكنت منهم المجاعة !!! فكيف هي معانات العجائز والشيوخ المتعففين الذين تقتحمهم المجاعة في منازلهم ... عند هذه الظاهرة فقط آمنت بان المجاعة قد اصبحت امرا واقعا في بلاد العرب السعيدة مع انني قد رايت قبل هذه صورا تشي بمؤشرات المجاعة في البلاد لكنني لم اصدقها ،منها على سبيل التمثيل ماكنت اشاهده على الطرقات كن النساء والاطفال والشيوخ والمعاقين واصحاب العاهات الخلقية الذين يسالون المارة ولكن كنت اقلل من اهمية معاناتهم لكثرة من يحترفون ذلك السلوك ويعدونه مهنة يزاولونها طبيعيا دون حرج او تافف .وكذلك ماكنت اراه من الافارقة حين يتجمعون عندابواب المطاعم لعلهم يظفرون بشئ من فضلات الطعام غير انني كنت ارى ان ذلك امرا قد يحصل لاي مهاجر او نازح من بلده الى بلد آخرليس له فيه قريب اوصديق ....الا انني ادركت ان تلك الصور انماهي من مؤشرات المجاعة بعد الذي حصل معي في الليلة الشعبانية اذ آمنت يقينا ان المجاعة قد اصبحت امرا واقعا في بلادنا...اجارنا الله واياكم منها