هل سمعت عن بركان قبل آلاف السنين دمر سواحل مصر وأسقط إمبراطورية وساعدت تبعاته على توحيد المصريين القدماء؟.. هذه السطور ستقودك إلى حقيقة أن مصائب بركان قوم عند قوم آخرين فوائد.
قصة هذا البركان بدأت مع كشف أزاحت وزارة الآثار في يناير 2016، الستار عنه يتمثل في بقايا بركان غربي قناة السويس يسمى «سان تورين»، الذي ضرب البحر المتوسط، وكان سببا في أول تسونامي يشهده التاريخ.
بركان سان تورين مثل أول كارثة بيئية بالبحر المتوسط، وتم اكتشاف بقاياه بمنطقة تل دفنة على بعد 11 كيلومترًا شمال غربي محافظة الإسماعيلية، وكشف ذلك بقايا البركان في موقع تل دفنة، خصوصًا أن موجات مد عاتية ناتجة عن الـ«تسونامي» المقصود أغرقت السواحل الشمالية لمصر، وفقاً لما تحدث عنه وزير الآثار سابقًا، ممدوح الدماطي.
اكتشاف 2016 عند ربطه بتوصل إليه اثنان من علماء المعهد الشرقي لجامعة شيكاغو، يشير إلى أن الإمبراطورية الفرعونية التي انطلقت مع «أحمس» كانت بفضل بركان ضرب مصر، خلال حكم الهكسوس لها، أدى إلى تدمير موانئهم وفقدان السيطرة على البحر المتوسط ومن ثم توحيد القطرين.
بركان سان تورين لا يزال موجوداً في جزيرة سانتوريني، وهي إحدى جزر بحر إيجه اليونانية، وقبل أن تخرج ترى اليونان النور كدولة بشكلها الحالي، فإن هذه الجزيرة شهدت العديد من الانفجارات الضحمة ولكن هذا الانفجار كان له أثر كبير في انهيار وتدمير الحضارة المينوية.
وتمثل الحضارة المينوية إحدى الحضارات العظيمة التي قامت في جزيرة كريت، وااستمرت قرابة ألفي عام، وكان لها أثر في انهيار دولة الهكسوس؛ حيث اعتمدوا بالدرجة الأولى في بناء دولتهم على الموانئ الواقعة شمال مصر للتجارة.
هذا الأمر، دفع بعض الأثريين وعلماء الجيولوجيا للحديث عن أن اكتشاف المخلفات البركانية لا يقل أهمية عن الاكتشافات الأثرية نفسها؛ إذ توضح الحمم المدفونة تحت الأرض أنه يمكن استخدام الظواهر الطبيعية في تاريخ الطبقات الأثرية باعتبار أنها تؤرخ لفترة خروج الهكسوس من مصر وبداية عصر الدولة الحديثة.
ولم تتوقف المفاجآت عند هذا الحد؛ إذ كان لاكتشاف قلعة ثارو التي تعتبر بوابة مصر الشرقية على رأس طريق حورس الحربي القديم بين مصر وفلسطين، تأكيد لنظرية تدمير المدن المصرية من آثار قوة بركان سان تورين بالبحر المتوسط؛ حيث كانت قوة الانفجار الناجمة عن البركان في البحر المتوسط تعادل 150 ميجا طن من مادة «تي إن تي» شديدة الانفجار.
وشهدت جزيرة سانتوريني العديد من الانفجارات الضخمة الناتجة عن النشاط البركاني رغم سكون الاندلاعات التي حدثت في بركان جزيرة سانتوريني، إلا أن هذا البركان كان نشطاً لفترة طويلة، وقد شهد عام 1645 حدوث انفجار بهذا البركان تبعه العديد من الثورات التي تفاوتت في حجمها بين الصغيرة والمتوسطة، ونتج عن هذا الانفجار تكوّن الجزر الداكنة اللون والبحيرات البركانية.
وفي عام 1950، ثار البركان لآخر مرة وحدث الاندلاع الشديد الذي دمر معه كل ما حوله، ثم عاد البركان إلى سكونه وظل هادئاً حتى الوقت الحالي، وتنتشر في الجزيرة الآن الكثير من الينابيع الساخنة.