يدخل سكان قطاع غزة شتاءهم الثالث وسط ظروف إنسانية شديدة الصعوبة، مع استمرار تأخر مشاريع إعادة التأهيل وغياب خطط واضحة لمعالجة الأضرار المتراكمة في البنية التحتية والمساكن. وأدت موجات الأمطار الأخيرة إلى تفاقم معاناة آلاف الأسر، خاصة في المناطق المتضررة والمخيمات المكتظة.
أوضاع المساكن
وفقاً لتقديرات لجان محلية في عدد من البلديات، ما يزال نحو 12 إلى 15 ألف منزل بحاجة إلى أعمال ترميم أو إعادة بناء جزئية، في حين تعتمد مئات العائلات على مساكن مؤقتة أو خيام لا توفر أي حماية فعلية من الأمطار.
وفي جولة ميدانية في أحياء الزيتون والشجاعية وبيت لاهيا، شوهدت منازل متضررة تُستخدم رغم غياب الأسقف السليمة أو النوافذ العازلة. وقالت أم محمد، وهي تسكن في منزل تسرّب إليه المطر، إن المعاناة تتكرر سنوياً:
"منذ ثلاث سنوات ونحن نواجه المشكلة نفسها. كلما نزل المطر، ندخل في حالة طوارئ داخل البيت."
مشكلات البنية التحتية
تشهد مناطق واسعة في القطاع اضطرابات في شبكات تصريف المياه مع كل موجة مطر، مما يؤدي إلى تجمعات كبيرة لمياه الأمطار تمتد لساعات طويلة. وأفاد موظفون في بلدية غزة بأن الطاقة التشغيلية للمضخات لا تكفي لتغطية جميع المناطق، خاصة تلك التي تعاني من انخفاضات طبيعية في الأرض.
وقال أحد العاملين — فضل عدم ذكر اسمه — إن فرق الطوارئ تعمل "بأدوات محدودة جداً"، موضحاً أن نقص المعدات يعقّد عمليات التدخل في المخيمات بشكل خاص.
شهادات من الميدان
في مخيم النصيرات وسط القطاع، ذكر محمود سالم، وهو شاب يعيش في منزل غير مكتمل البناء، أن مياه الأمطار تختلط أحياناً بمياه الصرف الصحي في بعض الأزقة، مما يعرّض السكان لمشكلات صحية. وأضاف:
"نحتاج حلولاً سريعة، ليس فقط تصريحات. الوضع يتكرر كل عام دون تغيير."
وقالت أم عمر من رفح إن منزلها فقد جزءاً من السقف خلال المنخفض الأخير، مضيفة:
"تواصلنا مع أكثر من جهة، لكن قيل لنا إن الإمكانيات محدودة. لا نستطيع إصلاح السقف وحدنا."
جهود محدودة
من جانبها، تواصل بعض المؤسسات المحلية والجمعيات الخيرية توزيع مساعدات عاجلة تشمل مواد عزل وأغطية وطروداً غذائية، إلا أن القائمين عليها يؤكدون أن حجم الاحتياجات أكبر بكثير من قدراتهم.
وتقول إحدى الجمعيات العاملة في الإغاثة إن "عدد الطلبات يفوق القدرة على الاستجابة"، مشيرة إلى أن الأولوية تُعطى للحالات الأكثر تضرراً.
غياب خطط واضحة
حتى اللحظة، لم تصدر الجهات المختصة بياناً يتضمن خطة شتوية متكاملة، ما أثار استياء السكان الذين يطالبون بإجراءات عاجلة تشمل:
تحسين شبكات تصريف مياه الأمطار
دعم المساكن المتضررة بشكل فوري
تأمين مواد عازلة
توفير ملاجئ مؤقتة في الحالات الطارئة
خاتمة
ومع توقع استمرار المنخفضات الجوية خلال الأسابيع المقبلة، تتزايد مخاوف السكان من تفاقم الوضع، في وقت يرون أن غياب التدخل السريع قد يترك آلاف الأسر في مواجهة مباشرة مع البرد والأمطار دون حماية كافية.