كتب / أسعد أبو الخطاب
الفصل الأول: سيرة القائد الذي خرج من رحم الجنوب:
ولد اللواء محمد قاسم الزبيدي (الهبرجس) في بيئة جنوبية حملت في ملامحها البساطة والشجاعة معًا.
منذ شبابه الأول، عرف طريقه بوضوح — طريق الدفاع عن الوطن والكرامة.
لم يكن يبحث عن أضواء أو ألقاب، بل عن موقف صادق يربط اسمه بالأرض التي أحبها حتى النخاع.
تدرج في المراتب العسكرية بعزيمة استثنائية، حتى صار من أبرز الضباط الذين نالوا شهادة الامتياز مع مرتبة الشرف من الاتحاد السوفيتي — وهو إنجاز لم يكن يومًا وسامًا شخصيًا فحسب، بل دليلًا على قدرة الجنوبيين على التميز والانضباط والاحتراف العسكري.
رغم مؤهلاته العالية وجاهه الاجتماعي، لم يتعال يومًا على أحد.
ظل بسيطًا متواضعًا، يفتح بابه لكل جندي وكل مواطن، ويتعامل مع الجميع بأخلاق القائد العادل والإنسان الحقيقي.
الفصل الثاني: في الميدان.. قائد لا يعرف الهزيمة:
منذ أن اشتعلت جبهات الجنوب، كان الهبرجس في قلب المعركة لا في خلفها.
في الحرب، تجده أول الواصلين إلى مواقع القتال، يتفقد المقاتلين، يرفع معنوياتهم، يشاركهم.
لم يختبئ خلف المكاتب، بل حمل سلاحه ووقف في الصفوف الأمامية، ليصبح اسمه مرادفًا للبسالة الميدانية.
يعرف عنه أنه قائد الميدان في أصعب الأوقات؛ حين تتشتت الجبهات، يكون الهبرجس هو الميزان الذي يعيد التوازن.
وحين تضعف المعنويات، يكون هو الشرارة التي تعيد الثقة والنصر إلى صفوف المقاتلين.
رجاله يصفونه بعبارة واحدة:
“في الحرب لا ينام، وفي السلم لا يتكبر”.
يضع الخطط، يشارك التنفيذ، يتقدم بخطواتٍ محسوبة لا تعرف التردد، لأنه يؤمن أن “الجنوب لا يحمى بالأمنيات، بل بدماء الرجال وصبر القادة.
الفصل الثالث: مواقف لا تنسى.. شجاعة القول وعدالة الموقف:
القائد الهبرجس ليس فقط مقاتلًا، بل صاحب موقف وضميرٍ حي.
عرفه الجميع بجرأته في قول الحقيقة حتى في وجه الأقوياء، لا يجامل على حساب الجنوب، ولا يساوم على مبادئه مهما كانت الظروف.
حين تتعقد المواقف السياسية أو تثار الخلافات، يكون صوته دائمًا صوت الحكمة، يذكر الجميع أن الجنوب أكبر من الأسماء والمناصب، وأن الوحدة الحقيقية هي وحدة الهدف والمصير.
في كل محطة، يقف الهبرجس إلى جانب المظلوم قبل القوي، وإلى جانب الجندي قبل المسؤول.
ينصف رجاله، يسمع شكاواهم بنفسه، ويؤمن أن القائد الذي لا ينحاز لجنوده، لا يستحق أن يقف أمامهم في الميدان.
الفصل الرابع: إرث قيادي خالد.. وسيرة تتجاوز الأجيال:
اليوم، لا يذكر اسم الهبرجس فقط في نطاق محافظة أو منطقة، بل في كل الجنوب.
صار رمزًا للانضباط، والنقاء، والتفاني الوطني، وشخصية يستشهد بها في مدارس القيادة الجنوبية كنموذجٍ للقائد الذي يجمع بين الاحتراف العسكري والإنسانية المتواضعة.
ترك وراءه إرثًا من القيم والمبادئ أكثر مما ترك من الأوامر والتعليمات.
رجاله يتحدثون عنه كأبٍ، لا كضابط، وكقدوة، لا كسلطة.
وفي ذاكرة الجنوب، سيبقى الهبرجس عنوانًا للشجاعة والحنكة والوفاء، ذلك القائد الذي عرف متى يرفع السلاح ومتى يقدم النصيحة، ومتى يربح القلوب قبل المعارك.
خاتمة:
في زمن تتبدل فيه المواقف وتكثر فيه الألقاب، يبقى الهبرجس ثابتًا كصخرة الجنوب التي لا تهتز.
هو القائد الذي لم يطلب مجدًا شخصيًا، بل قاتل لأجل وطن بأكمله.
وسيظل اسمه محفورًا في ذاكرة الجنوب، رمزًا لكل من يرى في النضال شرفًا، وفي القيادة أمانة، وفي الوطن غايةً لا بديل عنها.