الوضع الاقتصادي.. خيار أعداء الجنوب الوحيد ولكن!
علاء عادل حنش
تاريخ النشر: السبت 10 يونيو 2023 - الساعة:23:24:45
ليس بمقدور أحد تجاهل، أو إنكار الأزمة المعيشية التي تعصف بمحافظات الجنوب اليوم بشكل ممنهج، ومُتعمد، وهذا السيناريو، المُعد سلفًا، لا يحدث اليوم فقط، بل كانت السنوات الماضية شاهدة على مثل هكذا سيناريوهات تظهر في وقت سياسي وعسكري معين، وبشكل مرتب من عناصر الدولة العميقة، وفي عدة نواحي واتجاهات.
فقد عشنا ذات أزمة اليوم في أعوام (2017م، و 2018م، و 2019م، و 2020م، و 2021م)، وكذا في العام المنصرم 2022م، ولم يسلم شعب الجنوب من سيناريو "افتعال الأزمات" خلال تلك الأعوام كلها، وكان الهدف الأساسي "إخضاع شعب الجنوب، وإيجاد شرخ بين أبناء الجنوب والمجلس الانتقالي الجنوبي"، ولكن كانت كل تلك المحاولات تذهب نحو الفشل.
اليوم يتكرر السيناريو في عام 2023م، ولكن هذه المرة اختلف، ففي عاميّ (2022م، و 2023م) دخل الانتقالي الجنوبي في شراكة سواء في مجلس القيادة الرئاسي، أو في حكومة المناصفة، فزادت شهوة أعداء الجنوب وعناصرهم في الدولة العميقة في ضرب اللحمة الجنوبية، وتفتيت صف الجنوب، وزعزعة ثقة الشعب بحامل قضيته "الانتقالي"، ومحاولة إظهار الانتقالي على انهُ شريك في هذه الأزمة متناسيين أن الانتقالي ولد، وجاء من صلب شعب الجنوب، فكانت أحد أهم خياراتهم استخدام، وللأسف الشديد، بعض ضعفاء النفوس من أبناء جلدتنا لتنفيذ ما يخططون له، وكان أول بدايات ذلك المخطط كيفية تجاوز الوجع، والصدمة التي أصابتهم جراء نجاح الحوار الوطني الجنوبي، وخروجه بقرارات تاريخية، وميثاق وطني جنوبي، وكذا انضمام عدد من المكونات السياسية الجنوبي إلى سفينة "المجلس الانتقالي الجنوبي"، وإعادة هيكلة المجلس وضم قيادات جنوبية بارزة إلى قوامه كان من ضمنهم نائبيّ رئيس المجلس الرئاسي (المحرمي، والبحسني)، فكان تخطيطهم لتجاوز ذلك الوجع من خلال إثارة مواضيع عفى عنها الزمن، فظهروا بأشخاص، ومكونات صغيرة لا يوجد لها أي تأثير لإثارة موضوع "دولة حضرموت المستقلة"، فكانت الصفعات مدوية لهم بعد الاستقبال الحافل لأبناء حضرموت للرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، والرسائل التي وجهها الرئيس الزُبيدي من أرض الأحقاف، وكذا الاحتفالات واللقاءات التي احتضنتها حاضرة محافظة حضرموت (مدينة المكلا)، إلى جانب انعقاد الدورة السادسة للجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي بالمكلا، وما خرجت به من قرارات وتوصيات، فكانت كل تلك الأحداث تلقاها الأعداء خلال أسبوع جعلتهم في حالة هستيريا فظيعة ظهرت أمام الجميع من خلال كتاباتهم عبر وسائل إعلامهم المختلفة.
لم يستسلم أعداء الجنوب، فقاموا بإثارة موضوع "المهرة وسقطرى"، وأنهما تريدان أن تكونا "دولة"، فجاء الرد المزلزل من أبناء المهرة وسقطرى ذاتهم لتخرص ألسنتهم، وبعدها حاولوا تحريك مكتب "طارق عفاش" السياسي اليمني في محافظة شبوة، فجاء الرد أيضًا من أبناء شبوة أنفسهم.. حينها أدركوا أن شعب الجنوب من أقصاه إلى أقصاه يقف على قلب رجل واحد، ويحمل هدف واحد، وشعار واحد "استعادة دولة جنوبية كاملة السيادة".
بعد فشلهم في الجانب السياسي والإعلامي، حاولوا التحرك في الجانب العسكري، فكانت هناك محاولات لاختراق الجنوب من أي جبهة فلم يتمكنوا، فذهبوا إلى محاولة الزج بعناصر إرهابية إلى الجنوب، ففشلوا أمام يقظة ابطال القوات المسلحة الجنوبية، لينتهي بهم الأمر إلى التحرك في مناطق تواجدهم في "وادي حضرموت" و"المهرة" في محاولة لإرباك الوضع، وارسال رسائل تخويف لشعب الجنوب وقياداته وقواته المسلحة، لكنهم تناسوا أن الجنوب واجهة، وهزم قوات أكبر واقوى من تلك المتواجدة في هاتين المنطقتين.
الان، وبعد فشلهم في الجوانب (السياسية، والعسكرية، والإعلامية)، اتجه أعداء الجنوب وعناصرهم في الدولة العميقة إلى الوضع الاقتصادي فهو الجانب الوحيد الذي يستطيعوا من خلاله ارباك الوضع، فخلال أسابيع فقط تدهورت العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وشهدت الخدمات تدهورًا كبيرًا، إلى جانب توقف المرتبات، وارتفاع الأسعار.
نعترف أن الجانب الاقتصادي هو العائق الوحيد الذي بات يعاني منه الجنوب وشعبه، وهو، بلا شك، أهم جانب، لكنه، في ذات الوقت، أصعب جانب؛ فالاقتصاد ليس بمقدورك إدارته بسهولة ليس لعدم وجود الكوادر أو ما شابه ذلك، ولكن لأن دهاليز الاقتصاد كانت، وما زالت تحت سيطرة أعداء الجنوب وعناصرهم في الدولة العميقة منذ ما بعد حرب صيف 1994م، وهنا لا أحاول التبرير، بل شرح الواقع.
لكن، وإن كان الأمر كذلك، فهذا لا يعفينا من عمل المستحيل لأجل تجنيب شعب الجنوب ويلات الأزمات، ومعاناتها، وقساوتها، وهو ما يجب أن تدركه قياداتنا السياسية والاقتصادية.
نتفق أن هناك أخطاء، وهفوات من بعض قيادتنا سواءً في الجانب العسكري أو السياسي أو الاقتصادي، وهو أمر بديهي، فلم نُخلق كاملين، ومن يخطى يعمل، ويتعلم، لكننا في ذات الوقت لن نسمح لأي اخطأ مُتعمدة، ومستمرة، ومتكررة تحدث، ويجب أن نشعر بمدى حجم مسؤولية المرحلة التي وصلنا إليها.
ما يجب أن ندركه جيدًا، أن المرحلة التي وصل إليها الجنوب وقضيته تكاد تكون المرحلة النهائية، وبات تحقيق حلم شهدائنا وجرحانا المتمثل في استعادة دولة الجنوب كاملة السيادة أقرب من أي وقت مضى، ومن المهم الحفاظ على ما وصلنا إليه اليوم بأي طريقة كانت.
لكن يجب أن لا نغفل، ونتجاهل حال الشعب الجنوبي العظيم؛ فالشعب أساس نجاح الثورات، وشعب الجنوب شعب جبار، صبور، مكافح، ويجب أن نقيم الدنيا ولا نقعدها كي يعيش شعبنا الجنوبي الصامد بوضع، وحال أفضل مما هو عليه اليوم من تدهور معيشي فظيع.