في أيام تجاوزت الـ60 يوماً من العمل الدؤوب، عملنا في اللجنة التحضيرية لـ"مهرجان الأغنية العدنية الأول"، تحت قيادة الأستاذ ياسر عبدالباقي _ رفقة عدد من جهابذة الفن والثقافة وفطاحلة الأرشفة التاريخية والتراثية للأغنية العدنية_ وسعينا بكل جد واجتهاد للالتزام بأدق التفاصيل في ذلك، حرصاً منا على عدم وجود أخطاء أو تجاوز في حقوق ملكية كل ما سيظهر في هذا المهرجان المتميز.
لم يكن مهرجان "الأغنية العدنية الأول" مجرد حفل أغنية أو صورة نادرة او معلومة عابرة، بل حمل دلالات كبيرة وهادفة من خلال استحضار جماليات وعبق ماضي الموروث الفني والغنائي للون العدني خاصة والجنوبي عموماً، وإعادة تعريف وتذكير الجمهور بأصالته وتميزه وأهمية الحفاظ عليه من الاندثار، باعثاً في ذلك رسائل للداخل والخارج مفادها أن لشعب الجنوب العربي حضارة وهوية وتاريخ يميزه عن غيره، وحقيقة ماثلة للعيان لا يمكن تجاهلها أو العبث بها.
ومنذُ القدم تميزت مدينة عدن بحراك فني غنائي وثقافي راقٍ، جذب الجماهير وشريحة كبيرة من الشعراء والفنانين والمختصين في مجال الفن والغناء من جميع أنحاء الجنوب والوطن العربي، وكانت عدن واجهة ثقافية وحاضنة للإبداع بكافة أشكاله.
اليوم وقد رحل عن عالمنا كل أولئك العمالقة والرواد، تاركين خلفهم إسهامات وإرثاً كبيرا لا يزال صداه حياً يتردد في الأرجاء حتى اللحظة، نعول كثيراً على الجيل الجديد والمواهب الصاعدة في حمل ذلك الموروث الفني الفريد وتجديده وإيصاله بطريقة عصرية لأسماع العالم.