لا تزال مشكلة صعوبة استخراج جواز السفر في اليمن مستمرة رغم الانفراجة البسيطة التي حدثت الشهور الماضية.
كانت الحكومة اليمنية أصدرت قراراً في ديسمبر الماضي يحصر الحق في إصدار جوازات السفر على مكاتب وفروع مصلحة الهجرة والجوازات في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، وعدم قبول الجوازات التي تصدر من الأراضي التي تحتلها ميليشيا الحوثي.
وتسبب هذا القرار بالضغط على فروع المصلحة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة ما أدى إلى توقف إصدار الجوازات في تلك الفروع عدة أشهر بسبب نفاد الدفاتر الخاصة بالجوازات، كما أعلن عن ذلك مصدر في فرع تعز شهر مارس الماضي.
ورغم الانفراجة التي حدثت الشهور الماضية بعد توريد عشرات الآلاف من الدفاتر لطباعة الجوازات، إلا أن المشكلة تفاقمت مؤخراً خصوصاً بعد حرب عدن وإغلاق فرع المصلحة هناك، والتي جعلت الآلاف يلجأون إلى مكاتب تعز ومأرب وشبوة ما تسبب بضغط كبير على تلك الفروع.
هذه الأزمة خلقت مشكلة "السمسرة" والمبالغة في قيمة استخراج جواز السفر بشكل غير قانوني، ويقول أنور أحمد "إن مسألة الحصول على جواز باتت مهمة صعبة، بسبب المعوقات التي تعترضك، والتي منها عوائق السفر والتنقل بين المدن، وهو أمر قد يعرضك للاعتقال".
ويضيف "أحمد" "أن هذه المعوقات تضطر البعض للجوء إلى سماسرة الجوازات، الذين يستخرجون جوازات بالجملة لعدة أشخاص بطريقة غير قانونية، مقابل مبالغ باهظة، وبهذه الطريقة لا يتوجب حضور الشخص إلى مصلحة الجوازات".
وحسب، "فتحي توفيق"، فإن الشخص يستغرق قرابة ثلاثة أشهر وقد تصل إلى أربعة، من أجل استخراج جواز.
ويرى "توفيق" أن المسألة باتت تجارية وتتم بالمحسوبية غالباً، وبطرق غير شرعية.
ويفيد "سليمان القناد"، أنه دفع مئة الف ريال مقابل حصوله على جواز، وقد أنجز الأمر خلال فترة قصيرة.
ويشير "القناد" إلى أن "الكثير من المواطنين الذين يحتاجون للسفر، يحصلون على الجوازات بذات الطريقة، مقابل مبالغ باهظة."
لكن معاذ محمد، وهو أحد الذين يقومون باستخراج الجوازات بطريقة غير شرعية في مدينة تعز، يقول إنهم يأخذون مبالغ قليلة من الناس لقاء أتعاب استخراج الجواز، ويرى أنه يقدم خدمة إنسانية للمواطنين، سيما من هم في حاجة ماسة للسفر.
الشاب الثلاثيني "حسين بن حسين" المولود في أمانة العاصمة، أحد أولئك الذين عانوا في سبيل الحصول على جواز سفر، وكانت وجهته لهذه المهمة محافظة شبوة.
13 يوماً لم تكن كافية له للحصول على جواز سفر من مصلحة الهجرة والجوازات بمدينة "عتق"، بسبب ما أسماه "الفوضى وعدم التنظيم وعمليات السمسرة التي تمارس في مصلحة الجوازات".
وما واجهه "حسين" يواجهه بشكل يومي المئات من اليمنيين، الذين يعانون المشكلة ذاتها نتيجة الظروف التي تشهدها البلاد.
وأشار "حسين" إلى "أن عشرات الأسر قدمت من مارب بعد استئناف عمل المصلحة بمحافظة شبوة وهي تأمل الحصول على جوازات، لكنها تفاجأت بحجم الفساد والفوضى في المصلحة، ما اضطر بعضها للعودة الى مأرب".
وقال "حسين" "إذا كنت أنا شخصيا صرفت ما يزيد عن 150 ألف ريال خلال فترة اقامتي في شبوة من أجل الحصول على الجواز، كيف هو حال من لديه اسرة وأطفال".
ودعا "حسين" محافظ شبوة "إلى لفته حقيقية لما يدور في المصلحة من عمليات بيع وشراء وسمسرة بحق المواطنين الذين يسعون للحصول جوازات كفلها لهم الدستور والقانون".
مكتب الجوازات في مارب يشهد ازحاماً كبيراً، ويضطر الناس للاصطفاف في طوابير طويلة قرب المبنى، ويقول موظفون هناك إن المصلحة تتحمل فوق طاقتها الاستيعابية.
وفي تعز اضطرت المصلحة إلى إيقاف العمل الأسبوع الفائت بعد ثلاثة أيام فقط من استئنافه لأسباب متعددة من بينها حسب السلطة المحلية دواعي أمنية، وأيضا لنفاد كمية الجوازات المتوفرة.
وكانت الإدارة العامة للجوازات في تعز، استلمت هذا الشهر 10 آلاف دفتر جواز، ووفقا لمصدر في الإدارة فإن النظام الآلي يقفل آليا كل يوم عند اصدار 1300 جواز ولا إمكانية لاصدار أي جوازات جديدة فوق هذا العدد.
ومع هذه الأوضاع يلجأ الكثير من المواطنين إلى سماسرة، وقد تصل الكلفة في بعض الحالات إلى أكثر من مائة ألف، في حين قد تخسر بعض العوائل التي تضطر للذهاب إلى إحدى المدن الخاضعة للشرعية مئات الآلاف تكاليف السفر والمعيشة خلال انتظارهم لاستكمال معاملة الحصول على الجوازات.