ستظل مسألة البراءة المالية لشاغلي المناصب في مختلف درجات السلم الوظيفي للدولة، العلامة الفارقة، وأول اختبار لأولئك، مع انها قبل أن تكون إجراء روتيني فهي شرط اساسي، وإجراء قانوني مُلزم القيام به.
وفي الوقت الذي يعلم فيه الجميع بأن الكثير من القيادات المدنية والعسكرية، صاروا بين عشية وضحاها أثرياء، دون احد يسألهم من أين لك هذا؟!.
لاسيما بعد ظهور الغنى الكبير والفاضح، الذي وصل بالبعض إلى حد الترف، والتباهي دون حياء، في الوقت الذي كان فيه الكثير منهم لا يمتلكون قوت يومهم!!.
كما نعلم في الوقت ذاته، بأن منظومة الاحتلال والفساد اليمني التي تم فرضها على الجنوب وشعبه، ليس لديها اي مشروع وطني لا على مستوى اليمن الموحد كما تدعي، ولا على مستوى دولة من الدولتين السابقتين بحدودهما قبل دمجهما، بل أهدافها وحجمها كانا واضحين، ومنذ بداية الحرب، فهي مجرد عصابة لصوص، تخدم اجندات وأهداف اطراف خارجية، مقابل، توظيف الحرب للتكسّب والاثراء السريع، سواء كان بالمتاجرة بدماء ومعاناة شعب الجنوب ، واستثمار عائدات ثرواته وايرادات موارده بشكل خاص ، اوبنهب المنح المالية والمساعدات التي تقدمها دول التحالف والدول الأخرى تحت مسمى الدعم للشعبين الجنوبي والشمالي على حدً سواء.
كما نعلم بأن جميع الحكومات الاربع التي تعاقبت منذ بداية الحرب وحتى اللحظة لم تقدم شيء للشعب بل بالعكس ضاعفت معاناته، وإستاءت اوضاعه على مختلف الأصعدة والمستويات، حيث لم تقم ولو بمجرد المحاولة لتثببت النظام والقانون الساري باسم الجمهورية اليمنية التي تدعي به، وتحارب الجنوب وشعبه على أساسه، ولا صدقت في محاربة الحوثي، بل في واقع الأمر عملت على تدمير كل شيء، وشجعت وحمت الفساد والمفسدين حتى دمرت ما تبقى من شيء كان اسمه نظام وقانون.
وإذا ما تحدثنا عن براءة الذمة المالية لأعضاء الحكومات الثلاث التي اعقبت حكومة الأستاذ بحاح فجميعهم لم يقدمون ذلك، في الوقت الذي يفرضه القانون الذي يدعون بأنهم يعملون وفقه.
وما يحزننا نحن الجنوبيون بشكل عام، هو استمرار مسايرة ومداهنة هذه المنظومة، ومساعدتها في تمرير ممارستها المجردة من كل القوانين والاعراف، والقيم والأخلاق والضمير الإنساني، والمتمثلة بفرض الحصار الشامل والمفتوح على شعب الجنوب، وإنتاج له الصراعات الداخلية، وفتح النزوح المتواصل لمدنه، حتى صار النازحين هم الأغلبية في العديد من مدنه الرئيسة.
ولهذا نحن الجنوبيون كشعب نطالب قيادتنا السياسية بالتمسك بالنظام والقانون وتطبيقه على الوزير قبل الغفير سواء كان على الذين يتبعون الرئاسي وحكومة المناصفة كما يسمونها أو على أعضاء المجلس الانتقالي بجميع هيأته ، ومنها اولاً قانون البراءة المالية لشاغلي الوظائف، ومحاربة الفساد والمفسدين، وإرساء النظام والقانون ومبدأ الثواب والعقاب، إذا ما أرادت ترتيب الوضع الداخلي الجنوبي وإصلاح الأختلالات الحاصلة في مختلف المجالات وتوحيد الجبهة الداخلية الجنوبية وتامينها، باعتبار تلك الخطوات وغيرها مرتكزات أساسية في بناء الدولة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تعد هذه مستمسكات قانونية لمحاججة جميع الأطراف الأخرى.
فبدون ذلك ليس سنظل في نفس الوضع والمربع فحسب، بل يزداد معها المعاناة والتشتت وجلد الذات.
وما دام نمتلك الكثير من المقومات والمبررات المسنودة بقوة الحق والقانون الدولي والمواثيق والمعاهدات الدولية، لماذا نظل صامتين، فكلما طال صمتنا كلما ازداد الانهيار والتشتت، والضياع.. وما يبرز بين الفينة والأخرى بين وحداتنا العسكرية والأمنية من مواجهات ، تعد من المؤشرات لذلك، وهذه تعد وصمة عار علينا نحن الجنوبيون بشكل عام، وعلى قيادتنا السياسية والعسكرية العليا بشكل خاص، وهو الأمر الذي يحتم على القيادة السياسية والعسكرية العليا بالوقوف آزاءها بوضع حد لها، وانزال بمرتكربيها أشد العقوبات، .
اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.
عبدالحكيم الدهشلي
السبت الموافق 2 مارس 2024 م