اليمن/ تبلغ مساحتها 527.968 وعدد سكانها نحو 28.25 مليون نسمة ؛ عاصمتها المؤقتة عدن ولغتها الرسمية هي اللغة العربية وعملتها الريال اليمني .
الصومال/تبلغ مساحتها 637.655 وعدد سكانها 14.74 نسمة ؛ عاصمتها مقديشو ولغتها الرسمية اللغة الصومالية فيما اللغة العربية هي اللغة الرسمية الثانية للدولة وعملتها الشلن الصومالي .
العلاقات السياسية/تربط بين البلدين علاقات سياسية وطيدة اذ تُعدّ اليمن اول سفارة فتحت ابوابها في مقديشو بالعام 2006 بعد ان نجحت الدبلوماسية اليمنية في تقارب وجهات نظر الاخوة الصوماليين الذين مزقتهم الحروب الاهلية طيلة عقدين ونيف من الزمن .
العلاقات الاجتماعية/تربط بين البلدين حدود بحرية وبسبب الهجرات المتبادلة نشأت بينهما علاقات اجتماعية ومصاهرة ؛ بدأت هجرة اليمنيين الي الصومال في التاريخ الحديث منذ زمن مبكر ؛ فهاجر اليمنيون الي الصومال ابان الاحتلال الايطالي لجنوب الصومال والبريطاني لشمالها وكان البعض منهم ضباطاً وجنوداً تبع المستعمر ومن ثم شارك بعضهم في الثورة الصومالية ضد الاستعمار الايطالي في الجنوب .
وبحكم القرابة وانصهار المهاجرين اليمنيين بالمجتمع الصومالي حتى باتوا جزء من النسيج الاجتماعي الصومالي بمُسمّى"عرب-صومالي" احدى القوميات الصومالية وهم من اصول يمنية ؛ جاء المسمى بحكم الروابط حيث انّ اليمنيين تزوجوا من اكبر واشرس القبائل الصومالية ؛ كذلك الامر زوجوا بناتهم بابناء القبائل .
كان لليمنيين في الصومال مناصب قيادية في اول حكومة بعد الاستقلال وهكذا على مرّ الحكومات كانت لهم مراكز قيادية في الجيش والامن وفي المواقع السياسية كوزراء واعضاء في مجلس الشعب ومحافظين ؛ بل ترقّى الجنرال عبدالله فاضل الي ان بات عضو مجلس قيادة الثورة او مايُعرف"بمجلس الرئاسة" وكان عددهم 5 اعضاء بقيادة الرئيس الراحل محمد زياد بري ؛ ناهيك عن اكثر من 13 جنرال من ابناء المهاجرين تقلدوا مناصب مُهمة في الجيش والشرطة اضافة الي طيارين شاركوا في الحرب الصومالية الاثيوبية عام 1977 البعض منهم على قيد الحياة ؛ ناهيك عن الدور الابرز في الاعلام والفن .
في الوقت الحاضر ل"عرب-صومالي" نائب واحد في مجلس الشعب الفيدرالي ونائبين في اقليمي هيرشبيلي وجنوب الغرب بالاضافة الي منصب امين عام المجلس المحلي لمديرية شبس احدى مديريات العاصمة مقديشو وكذا منصب المتحدث الرسمي باسم محافظة بنادر "مقديشو" الي جانب عدد من المنتسبين في الشرطة والقوات المسلحة ومنهم ضبّاط وكذا في السلك القضائي ؛ سكن اليمنيون مناطق شتى في الصومال في طول البلاد وعرضها وتمركزوا على مديرية "شبس" المعروفة سابقاً باسم "فيلاجو عرب" وفيها معالم يمنية حتى اللحظة وعلى رأسها الجالية اليمنية وسينما حضرموت وشارع البيحاني وشارع صنعاء ومسجد بافضل ؛ ناهيك عن مايقارب 50% من البيوت يملكها ابناء اليمنيين المهاحرين "عرب-صومالي" ؛ كما مارسوا التجارة وملكوا المزارع بمساحات شاسعة في الاقاليم الصومالية الي يومنا .
بالمقابل جلب الاستعمار البريطاني اعداد كبيرة من شمال الصومال "صومالاند" الي جنوب اليمن ابان الاحتلال البريطاني ؛ فانصهر المجتمع الصومالي بالمجتمع اليمني او "العدني" ونشأت بين الطرفين علاقة مصاهرة ؛ فشاركوا في الثورة ضد الاستعمار البريطاني وبعد الاستقلال كان لهم دور كبير في الدولة فتبؤوا المواقع القيادية في الحكومة وفي الامن والجيش والقضاء والاعلام ؛ كما كان للصوماليين العدنيين دوراً في المشاركة بطرد الحوثيين في غزوهم الاخير لعدن ؛ حيث استشهد عدداً منهم في معارك بطولية .
وبعد انهيار نظام الرئيس الراحل محمد زياد بري هاجر اعدادا كبيرة من الصوماليين الفارين من الحرب الأهلية الي اليمن ؛ مسح اللاجئين العالمي لعام 2008 الصادر عن "اللجنة الأمريكية" للاجئين والمهاجرين قدّرت أن الصوماليين في اليمن 110,600 في عام 2007 ؛ واكدت التقارير الدولية الي ان الصوماليين الذين عاشوا في اليمن بلغ عددهم نحو ربع مليون نسمة حيث كانوا يتمركزون في مخيم "خرز" للاجئين بمحافظة لحج وكذا منطقة البساتين التابعة لمديرية دار سعد بمحافظة عدن .
يقابل ذلك هروب عدد ضئيل من اليمنيين الي الصومال نتيجة الانقلاب الحوثي في اليمن ؛ ويتوزع اللاجئين اليمنيين على العاصمة مقديشو واقليم بونتلاند شمال شرق البلاد ؛ وصومالاند شمال البلاد التي اعلنت الانفصال من طرف واحد عام 1991 وتجري الحوارات لعودتها الي الجمهورية حالياً .
من زاوية اخرى كتب الناشط الإعلامي سالم عبدالله بلحاف مقالاً عن العلاقات التاريخية والاجتماعية بين محافظة المهرة والصومال بالتحديد ؛ وأشار بلحاف إلى أن العلاقة بين ضفتي البحر العربي وخليج عدن تعود إلى مرحلة ما قبل الميلاد ؛ حيث تدل المكتشفات الأثرية إلى معرفة الصوماليين بخط المسند العربي القديم ؛ واشتراك الصوماليين مع اليمنيين القدماء في المعبودات القديمة كإله القمر"عم".
ويسرد بلحاف تاريخ العلاقة فيشير إلى انتساب القبائل والشعوب في العصور القديمة إلى الإلهة كانتساب الإغريق إلى زيوس ؛ وانتساب بعض أهل الكتاب إلى الله "تعالى الله عما يصفون" ؛ كما جاء في الآية: إذ قالت اليهود نحن أبناء الله وأحباءه.
إن تشابه بعض التراكيب والمصطلحات اللغوية مثل الغنم يطلق عليها في اللغة الصومالية "ارو" يقابلها في المهرية "حارون"، والبقر "لو" يقابلها بالمهرية "لى" وغيرها من المصطلحات التي لها الأثر الواضح في الأصول المشتركة .
إن الأساليب المعيشية والألبسة والعادات والتقاليد لها الأثر الواضح في انتقال تلك الأساليب من جنوب الجزيرة العربية "المهرة" إلى القرن الأفريقي مثل ارتداء المعوز "الزار" والصبيغة والقمصان .
وعلى سبيل الأنشطة الحياتية نجد التشابه يكاد يصل حد التطابق ؛ وذلك لتشابه طبيعة الأرض والتقارب النفسي بين المهرة وخاصة قبائل الدارود "ابناء العم" بالذات اقتناءهم ومحبتهم للإبل وصيد الأسماك وجمع اللبان وصناعه البخور وكذلك الفخاريات وغيرها .
كل هذا التشابه ألقى بضلاله على العيش المشترك وصنع رابط تاريخي واجتماعي كبير بين قبائل المهرة وقبائل الدارود ؛ وترجم من خلال الهجرات المتبادلة بينهما ؛ حيث عاش الكثير من أبناء الدارود في أرض المهرة قديما ولاتزال قبائل الصواخرون وعلي سليمان وريري عمر ودشيشيه لها تواجد وبصمة واضحة في الذاكرة الجمعية لأبناء المهرة وحضرموت وذلك من خلال التبادل التجاري والثقافي والاجتماعي ؛ وكان التزاوج والتصاهر القبلي بين هذه القبائل وقبائل المنطقة كما يلقى أبناء الدارود قبولا مجتمعيا ولم يشعروا بأنهم غرباء .
وهذا ما حصل حديثا أثناء الحرب الأهلية في الصومال حيث وفدت جماعات من أبناء الدارود إلى أرض المهرة التي تقبلت وجودهم بسبب الإرث الثقافي والتاريخي والاجتماعي المشترك .
أيضا تواجدت قبائل المهرة في الصومال مثل عرب محمود صالح وبن نيمر ومشولي وعفرار وغيرها من القبائل حيث كان لها القبول في المجتمع الصومالي وخاصه المجرتين وعموم قبائل الدارود .
إن العادات القبلية والمهن المشتركة بين القبيلتين ساهمت بنوع من الانصهار المهني والاجتماعي بينهم ؛ ويمارس الدارود في أرض المهرة نفس المهن التي مارسها الاجداد مثل الاصطياد واستخراج وجمع اللبان وكذلك جمع السردين "العيد" وتجفيفه وبنفس الاساليب المتبعه لدى أهالي المنطقة ؛ إن الانتماء إلى القبيلة وممارسة الشروع والعادات القبيلة وروابط النسب والقربي جعلت قبائل المهرة والدارود أكثر تقبلا لبعضهم البعض في جميع المراحل التاريخية .
وتشير المصادر التاريخية إلى نجدة المهرة للصومال خلال مرحلة الكشوف الجغرافية واحتلال البرتغاليين لسواحل جنوب الجزيرة العربية والقرن الافريقي ؛ ويشير المؤرخ الحضرمي شنبل في تاريخه المسمى"تاريخ حوادث السنين" إلى هجوم البرتغالين في القرن العاشر على مدينة مقديشو واستعانه الصوماليين بقبائل المهرة بقيادة السلطان بودجانه وتحريرها من براثن البرتغاليين باسطول مكون من عشرات السفن .
ويذكر بافقيه في كتابه المسمى "تاريخ الشحر وأخبار القرن العاشر" دور المهرة في مساعدة الصومالين في مقاومة البرتغاليين ؛ كذلك الجيزاني في كتابه "تحفه الزمن في فتوح الحبشة" ذكر دور قبائل المهرة بقياده أحمد بن سليمان المهري وسعيد بن صعبان المهري ومساعدة الدارود في حربهم مع الحبشة والدور الذي قامت به قبائل المهرة لتحرير الصومال من الاحباش .
الروابط الاجتماعية والتاريخية وأواصر القربى والتعاون بين المهرة والدارود ضاربة في عمق التاريخ واستمد الحاضر من الماضي ؛ حيث أن من عادات تتويج ملوك الدارود تتطلب مراسمه أن يتواجد ال عفرار في حفل تنصيب الملك وهذه العادات تأتي في اطار موروث قديم له قيمته التاريخية والثقافية لما للمهرة والدارود من ارتباط وثيق منذ القدم .