يثير استهداف الولايات المتحدة لزعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في اليمن قاسم الريمي تساؤلات عن عمليات الجماعات المتطرفة ومستقبلها.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الولايات المتحدة قتلت الريمي في "عملية لمكافحة الإرهاب"، وفق بيان للبيت الأبيض صدر الخميس.
لكن ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ولليمن الذي أنهكته خمس سنوات من الحرب بين الحكومة المدعومة بتحالف عسكري تقوده السعودية والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران؟
ما أهمية قاسم الريمي؟
أصبح الريمي زعيما لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب عقب مقتل سلفه ناصر الوحيشي بقصف طائرة أميركية مسيرة في اليمن في يونيو 2015.
وكان الريمي بين مؤسسي الجماعة في 2009 وأول قائد عسكري لها.
وأكّد غريغوي جونسون من "مركز صنعاء للدراسات" أن "مقتل الريمي حدث مهم. لكنه لم يكن زعيما جيداً لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب. ومنذ تولّى القيادة في 2015، ضعف الجناح الإرهابي الدولي للجماعة بشكل كبير".
وأشار جونسون إلى أن أبرز مرشحَين لخلافة الريمي هما خالد باطرفي -- الذي تشير معلومات إلى أنه يدير العمليات الخارجية للجماعة، وسعد بن عاطف العولقي -- زعيم المجموعة في محافظة شبوة اليمنية.
ورجّح المحلل لدى "مجموعة الأزمات الدولية" بيتر سالزبري أن يتم الإعلان عن خليفة الريمي قريبا. لكنه أضاف أنه "لن يكون شخصا يملك شهرة مثل الريمي وبالتأكيد ليس بمكانة سلفه الوحيشي".
كيف سيؤثر ذلك على عمليات التنظيم في اليمن؟
ازدهر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب كغيره من المجموعات المتطرفة في الفوضى التي جلبتها الحرب بين الحكومة اليمنية والمتمرّدين الحوثيين.
لكن المحللين يشيرون إلى أن إمكانيات الجماعة على الأرض تراجعت على مر السنوات.
وقالت الباحثة لدى جامعة أكسفورد إليزابيث كندال إن التنظيم "سيفتقد مهارات الريمي كمخطط عسكري، لكن قدرة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على التحرّك على الأرض في اليمن تقلّصت أساسا بشكل كبير".
وأضافت "في مجال العمليات، بلغ نشاطه ذروته في 2017 مع أكثر من 270 عملية على الصعيد المحلي، ولو أن معظمها كان على نطاق صغير".
وأكد جونسون كذلك أن إمكانيات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على الأرض تراجعت خلال العقد المنصرم. واعتبر أن التنظيم "لم يعد بالقوة التي كان عليها من قبل".
ونفّذ التنظيم عدة عمليات ضد الحوثيين والقوات الحكومية على حد سواء، إضافة إلى هجمات متفرّقة في الخارج بما فيها الاعتداء الذي استهدف مكاتب مجلة شارلي إيبدو الفرنسية الساخرة سنة 2015.
وقال أندرياس كريغ من جامعة "كينغز كوليدج لندن" إن قتل الريمي يحمل "قيمة دعائية" للولايات المتحدة، لكنه لن يؤثّر على عمليات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على الأرض.
كيف ستتأثر قدرة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على شن هجمات في الخارج؟
يأتي قتل الريمي في أعقاب إعلان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مسؤوليته عن عملية إطلاق النار التي وقعت في السادس من كانون الأول/ديسمبر في قاعدة بينساكولا الجوية التابعة لسلاح البحرية الأميركي في فلوريدا، حيث قتل متدرّب سعودي ثلاثة بحارة أميركيين.
وتم التعريف عن المهاجم على أنه محمد الشمراني (21 عامًا) وهو ملازم أول في سلاح الجو الملكيّ السعوديّ ومتدرّب في البحرية بمجال الطيران.
وذكر موقع مجموعة "سايت" الأميركية لمراقبة الحركات الجهادية أن الشمراني نشر بيانا قصيرا على تويتر قبل الحادث ندد فيه بالولايات المتحدة التي وصفها بـ"دولة شر". وتضمن البيان كذلك اقتباسًا من مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.
وقال جونسون "لا يزال غير واضح حجم الدور الذي لعبه تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في إدارة عملية إطلاق النار في بنساكولا وليس في الإيحاء بها".
وأشار إلى أن قتل الريمي يشكّل "ضربة أخرى جديدة" للهجمات التي تشنّها المجموعة في الخارج. وأضاف "قبل هجوم بنساكولا، كان العام 2015 آخر مرّة يتبنى فيها تنظيم القاعدة في جزيرة العرب هجوما في الخارج".
وأوضحت كندال أن تركيز المجموعة "تحوّل إلى إلهام الهجمات بدلاً من إدارتها".
وأما سالزبري فقد اشار إلى أن تنفيذ تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لم ينفذ أي عملية كبرى في الخارج منذ عقد.
وقال "جاءت الهجمات المرتبطة بالمجموعة إما من إرث أو عملاء سابقين أو هجمات +ذئاب منفردة+ ينفّذها أشخاص استلهموا من المجموعة أو تواصلوا مع عناصرها بشكل محدود عبر الإنترنت".
واستخدمت الولايات المتحدة منذ مدّة طويلة الطائرات المسيّرة في حربها ضد قادة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الذي تعتبره أخطر فرع للقاعدة.
وذكر البيت الأبيض أن قتل الريمي "سيتسبب بتراجع إضافي لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب وتنظيم القاعدة عالميا".
وأضاف أن ذلك "يقرّبنا أكثر من القضاء على التهديدات التي تشكّلها هذه المجموعات لأمننا القومي".