كتب / عبدالسلام السييلي
في ظل التطورات الدولية المتسارعة والاهتمام المتجدد بملف اليمن، يعود الحديث بقوة عن فرص تحقيق السلام، خصوصًا بعد بيان مجلس الأمن الأخير الذي أكد أن الحل لن يكون عبر الحرب، بل عبر مسار سياسي شامل. غير أن هذا المسار لا يمكن أن ينجح ما لم يُبنى على معالجة جذر الأزمة، والمتمثل في قضية الجنوب التي أثبتت السنوات أنها حجر الأساس لأي انتقال سياسي حقيقي.
فالسلام — كما يراه الجنوبيون اليوم — لن يتحقق بالشعارات ولا بالمجاملات، بل عبر استعادة دولة الجنوب كاملة السيادة، باعتبارها الحل العادل والمستدام للأزمة اليمنية. هذا المطلب لم يعد رأياً سياسياً، بل حقيقة يفرضها الواقع على الأرض، وتؤكده التضحيات التي قدمها ومازال يقدمها أبناء الجنوب طوال السنوات الماضية.
إطار جديد… ومرجعيات تستجيب للواقع
وعلى الرغم من أن بيان مجلس الأمن يُعد خطوة إيجابية في إتجاه وقف الحرب وتهيئة الظروف للحل السياسي، إلا أن الاعتماد على مبادرة الخليج ومخرجات حوار 2013م لم يعد ممكناً في ظل التحولات الراهنة. تلك المرجعيات وُضعت في سياق مختلف تماماً، ولم تعد قادرة على استيعاب المتغيرات التي فرضتها سنوات الصراع، خصوصاً في الجنوب الذي صارت له تطلعات واضحة ومشروع سياسي متماسك.
لذلك، فإن المرحلة الحالية تتطلب إطاراً تفاوضياً جديداً يعكس حقائق الأرض ويعترف بشعب الجنوب طرفاً رئيسياً في أي مفاوضات، لا تابعاً، ويضمن حقه المشروع في تقرير مستقبله السياسي بعيداً عن أي وصاية داخلية أو خارجية.
خطاب الزُبيدي في مجلس الأمن… تحديد بوصلة السلام
خطاب الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي أمام مجلس الأمن كان لافتاً من حيث وضوحه وواقعيته. فقد أكد أن قضية الجنوب هي مفتاح الحل، وأن تجاهلها في المراحل السابقة كان سبباً رئيسياً في استمرار الأزمة. وأعاد التذكير بأن أي عملية سياسية شاملة يجب أن تُبنى على مشاركة فعلية للجنوب، وتمثيل حقيقي لشعبه، وأخذ تطلعاته في استعادة دولته بعين الاعتبار.
صمود جنوبي… ومشروع وطني ثابت
على الأرض، يواصل المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس الزُبيدي تعزيز حضوره السياسي والعسكري، في مسار يعكس صمودًا ثابتًا ومشروعًا وطنيًا واضح الهدف: استعادة دولة الجنوب كاملة السيادة على حدود ما قبل 21 مايو 1990م. وقد أثبتت التجربة أن هذا الصمود ليس موقفاً مؤقتاً، بل مسار طويل يستند إلى إرادة شعبية راسخة.
السلام العادل… يبدأ بالاعتراف بحق شعب الجنوب
إن الحديث عن السلام دون الاعتراف بقضية الجنوب هو تكرار للأخطاء السابقة. فالسلام الحقيقي لا يُبنى على تجاوز الحقائق، بل على الاعتراف بها ومعالجتها برؤية عادلة واستراتيجية واضحة لاتظلم ولا تقصي أحد. ومع تجاهل القرار 2216 في بيان مجلس الأمن الأخير، يبدو واضحاً أن المجتمع الدولي بات يدرك أن المرجعيات القديمة لم تعد صالحة للحل، وأن الواقع السياسي يحتاج إلى مقاربات جديدة فما كان يصلح بالأمس لم يعد يصلح اليوم بسبب الواقع الجديد المختلف.
ختاماً… الجنوب مفتاح الحل
إن اليمن اليوم أمام لحظة مفصلية، ولن يكتمل مسار السلام إلا عبر حل شامل يبدأ من الجنوب ويضمن استعادة دولته، لأن الحل العادل للأزمة واضح ومحدد:
استعادة دولة الجنوب هو الطريق الوحيد نحو سلام مستدام واستقرار حقيقي في المنطقة وما لم يتم ذلك فلا معنى لأي تسوية سياسية لا تلبي تطلعات شعب الجنوب.