التعليم في عدن : من إضراب المعلمين إلى مزادات المدارس الأهلية.
تاريخ النشر: الاربعاء 20 اغسطس 2025
- الساعة:22:47:30 - الناقد برس/خاص
لم يعد غريباً أن يتحول التعليم في عدن إلى ورقة ضغط، يلوّح بها هذا الطرف أو ذاك كلما أراد انتزاع مكاسب مالية أو إدارية. الجديد – والمخيف في آن واحد – هو أن أبناءنا الطلاب صاروا اليوم سلعة للمساومة، يُهدَّد مستقبلهم الدراسي بالتأجيل أو الإيقاف كلما اشتد الخلاف بين وزارة التربية وملاك المدارس الأهلية.
بيان اتحاد ملاك المدارس الأهلية الأخير، الذي لوّح فيه بتعليق التسجيل وتأجيل العام الدراسي كخطوة تصعيدية، كشف بوضوح أن بعض القائمين على هذا القطاع لم يعودوا يرون في الطالب سوى وسيلة ضغط و"كرت رابح" يستخدمونه متى ما أرادوا فرض شروطهم.
لكن، من الغريب أن نرى أن إضراب المعلمين وإغلاق المدارس الحكومية في السنوات الماضية كان له أثر غير مباشر على التعليم الأهلي: فقد أدى إلى انتعاش بعض المدارس الأهلية وزيادة ثرائها، مستغلة بذلك ارتفاع العملة وانخفاض قيمة الريال. ومع تحسن الوضع الاقتصادي وتعافى الريال، وإصدار الحكومة قرارات لتخفيض الرسوم في مختلف نواحي الحياة، ظهر اتحاد ملاك المدارس الأهلية ليعلن رفض هذه القرارات ويهدد بإغلاق المدارس، وكأن مصالحهم الخاصة أهم من مستقبل نصف مليون طالب.
السؤال الأهم يبقى: إلى متى سيظل أبناؤنا وقوداً لهذه الصراعات؟
لقد دفع طلابنا الثمن العام الماضي حين خسروا عاماً دراسياً كاملاً بسبب إضراب المعلمين. سنة كاملة ضاعت من أعمار أبنائنا، لا لذنب اقترفوه، بل لأن الكبار اختاروا أن يجعلوا مستقبل الأجيال رهينة خلافاتهم ومطالبهم. واليوم، يعاد نفس المشهد ولكن بوجه آخر: المدارس الأهلية تهدد بالتعليق والتأجيل، وكأن الهدف أن يظل التعليم في هذا البلد حقل تجارب ومجال مساومات لا تنتهي.
إن التعليم حق مقدس، لا يُعلَّق ولا يُساوَم عليه. فكل يوم دراسي يضيع على أبنائنا هو خسارة لا تُعوَّض، وفجوة معرفية تتسع، وجيل بأكمله يدفع الثمن. كيف يمكن أن نتحدث عن بناء وطن، ومدارسنا تتحول إلى ساحات ابتزاز، والطلاب رهائن داخل لعبة مصالح ضيقة؟
إن ما يجري ليس مجرد خلاف بين اتحاد المدارس والوزارة، بل هو اعتداء مباشر على حق أكثر من نصف مليون طالب في عدن. هؤلاء الأطفال والشباب لا ذنب لهم في قرارات إدارية ولا نزاعات مالية.
هنا نقولها بصراحة: التعليم خط أحمر. لا الوزارة ولا ملاك المدارس ولا أي جهة لها الحق في المتاجرة به أو رهنه مقابل مكاسب شخصية. وإذا كان هناك خلاف حول الرسوم أو القوانين، فالمكان الطبيعي للفصل فيه هو القضاء والقنوات الرسمية، لا بوابة المدارس ولا مستقبل أبنائنا.
لقد آن الأوان لأولياء الأمور والمجتمع أن يرفعوا صوتهم عالياً: كفى عبثاً بمستقبل أطفالنا! لن نقبل أن تتحول مدارسنا إلى أسواق مساومة، ولن نسمح أن تُستخدم أحلام أولادنا كورقة تفاوض.
إن حماية التعليم مسؤولية وطنية وأخلاقية، ومن يعبث بها يتحمل وزر جيل كامل يُحرم من أبسط حقوقه.
// كفى عبثا بمستقبل أطفالنا ..التعليم ليس للبيع.
كتب /
منى علي سالم البان
18 أغسطس 2025