شهد قطاع غزة، المحاصر منذ أشهر في ظل الحرب الدائرة، دخول قافلة جديدة من المساعدات الإنسانية، محمّلة بالمواد الغذائية الأساسية، والمياه الصالحة للشرب، والمستلزمات الطبية العاجلة. وجاء هذا التطور في وقت تتصاعد فيه الضغوط الدولية على إسرائيل لفتح المعابر والسماح بتدفق المساعدات بشكل أوسع وأكثر انتظامًا، في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع.
وأفادت مصادر محلية أن عشرات الشاحنات المحمّلة بالسلع الضرورية عبرت المعابر المخصصة، بعد أسابيع من شح حاد في المواد الغذائية والأدوية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع بشكل جنوني، وانتشار مظاهر الجوع في مناطق واسعة. وأضافت المصادر أن المساعدات وصلت بالتنسيق مع منظمات إغاثية دولية وإقليمية، في محاولة عاجلة لتخفيف معاناة السكان، خاصة في المناطق التي تعرضت لدمار واسع.
من جهتها، حذرت منظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة من أن الكميات التي دخلت حتى الآن لا تكفي لتغطية الاحتياجات الهائلة، مشيرة إلى أن بعض المناطق لا تزال معزولة عن أي شكل من أشكال المساعدة نتيجة العمليات العسكرية المستمرة وصعوبة الوصول إليها. كما أكدت هذه المنظمات أن أي تأخير أو عرقلة لعملية إدخال المساعدات قد يؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة.
ويأتي هذا التحرك الإنساني بعد أسابيع من المفاوضات والضغوط التي مارستها عواصم عالمية كبرى، ومنظمات حقوقية، على الحكومة الإسرائيلية لفتح ممرات آمنة ودائمة لنقل الإمدادات. وفي الوقت نفسه، تتواصل المطالبات بوقف فوري لإطلاق النار كشرط أساسي لتأمين وصول المساعدات لجميع المناطق وضمان سلامة فرق الإغاثة.
ورغم الترحيب الواسع من قبل السكان والمنظمات الحقوقية بهذه الخطوة، إلا أن المخاوف ما زالت قائمة بشأن استمرارية تدفق المساعدات، خاصة إذا ظلت الأوضاع الميدانية على ما هي عليه. ويؤكد ناشطون إنسانيون أن الحل الجذري للأزمة في غزة لا يكمن فقط في إدخال المساعدات، بل في معالجة الأسباب الجذرية للصراع ورفع الحصار بشكل كامل، بما يسمح بعودة الحياة الطبيعية للسكان.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، يبقى الأمل معلقًا على أن تتحول هذه الخطوة إلى بداية مسار إنساني مستدام، يضع مصلحة المدنيين فوق الحسابات السياسية والعسكرية، وينهي معاناة مئات الآلاف من الأسر التي تعيش تحت وطأة الفقر والجوع والخوف.
كاتب مغربي متخصص بشؤون الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية