- كهرباء عدن . . ثقب أسود يلتهم المليارات ولغز صعب يكتنف حل شفرته الغموض
- ما السر وراء الانقطاع الكلي لكهرباء عدن ؟
- صحفي عدني : قضت على جميع الخدمات.. أزمة انقطاع الكهرباء تحرم سكان عدن النوم
يعتبر ملف " كهرباء " العاصمة عدن من أعقد الملفات الخدماتية التي خلفتها الحكومات المتعاقبة منذ حرب صيف عام 1994م ، وبلغ أشد التعقيد في مرحلة ما بعد حرب العام 2015م وحتى اليوم .
معاناة مستمرة :
ويعاني الأهالي في العاصمة الجنوبية عدن من أزمة كهرباء حادة في الوقت الراهن، وصلت ساعات قطع التيار الكهربائي إلى نحو 20 ساعة، مقابل ساعتين تشغيل ، وصار انقطاع الكهرباء والموجة الحارة معضلة تؤرق المواطن ،في ظل درجات الحرارة المرتفعة ،وظل أبناء العاصمة عدن يعانون الأمرين جراء انقطاعات الكهرباء ، بينما لا تقدم الحكومة أي حلول ولا تضع جدولاً زمنياً لانتهاء الأزمة"، هكذا يشكو كافة المواطنين في عدن مع استمرار "أزمة انقطاع الكهرباء" ، ويرون أن كهرباء عدن ثقب أسود يلتهم المليارات ولغز صعب يكتنف حل شفرته الغموض .
وعود عرقوبية :
وعود متكررة ودائمة تطلقها الحكومة بتحسن قادم في التيار الكهربائي، إلا أن الواقع الذي يعانيه المواطن بسبب الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي يناقض كل تلك الوعود ، إذ أنها وعود خيالية، لم ولن تتحقق منها شيءعلى أرض الواقع بالمدى المنظور. ويبقى الأهالي مترقبين أي بارقة أمل تنتشلهم من هذه المأساة التي يعانون منها في ظل تلك الوعود الكاذبة.
حرب خدماتية :
وتعيش العاصمة الجنوبية عدن اليوم حرباً خدماتية ، وتحديداً في جانب الكهرباء وعلى صفيح ساخن تستمر فصول مسلسل انقطاعات التيار الكهربائي وتدهور الخدمة بشكل متزايد، في ظل صمت مخزٍ وعجز وفشل حكوميين من توفير وقود محطات الكهرباء في عدن.
وتزايدت ساعات انقطاع التيار الكهربائي عن مدن العاصمة عدن والمناطق بالمحافظات المجاورة لها لتصل إلى أكثر من 18 ساعة " انطفاء " مقابل ساعتين " تشغيل " مؤخراً ، وسط موجات الحر الشديد والرطوبة الخانقة التي تشهدها عدن ولأول مرة في تاريخها القديم والمعاصر .
جحيم لا يطاق :
كهرباء العاصمة عدن التي عرفت كأول مدينة في شبه الجزيرة العربية حولت حياة الناس إلى جحيم لا يطاق ، إذ قضت على جميع الخدمات.. وصارت أزمة انقطاع الكهرباء مأساة تحولت من نعمة إلى نقمة تحرم سكان عدن النوم ، وصارت الانقطاعات شبه الكلية لكهرباء عدن حديث الناس في المنازل والشوارع والأسواق ، وفي منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية ، وفي كل الأماكن ، وأثقلت هذه الانقطاعات كاهل المواطنين الذي أجبروا على بيع أغلى ما لديهم من مقتنيات كالذهب والأثاث المنزلي ، وتحمل الديون من أجل شراء بطاريات طاقة كهربائية أو ألواح طاقة شمسية لم تكف حاجتهم أيضاً.
صمت حكومي متعمَّد :
وتفاقمت مؤخراً أزمة انقطاعات الكهرباء في العاصمة عدن جراء انعدام الوقود ، وفساد مستشر في المؤسسة العامة للكهرباء عدن ، وصمت حكومي متعمَّد ، إذ لم تحرك الحكومة ساكناً إزاء المعاناة التي يعاني منها المواطنون في العاصمة الجنوبية عدن ، وأكتفت الحكومة بتصريحات وخطابات عفا عليها الزمن ، وصارت مجرد وعود عرقوبية ، وأكثر ما تقوم به الحكومة الشرعية هو عمليات ترقيعية ، وليس لديها أي خطط أو برامج استراتيجية لإصلاح خدمة الكهرباء التي ظلت ملفا أسودا ووصمة عار على حكومة لا تتواجد في العاصمة عدن ، بل تكتفي برحلات طاقمها المكوكية خارج اليمن من دولة إلى أخرى ، وأصبحث بمثابة حكومة إلكترونية تعقد اجتماعاتها
عبر الزوم أو مجموعات الواتساب ، وأثبتت أنها حكومة " الأونلاين" وبامتياز .
وعزت مصادر في كهرباء عدن انخفاض التوليد إلى نفاد الوقود بشكل تدريجي من المحطات وهو أحد الأسباب التي تقف خلف تردي خدمة التيار الكهربائي ، بينما الأسباب الحقيقية تكمن في فشل الحكومة والمؤسسة العامة لكهرباء عدن ، اللتين تغرقان بالفساد ، وصارتا عبئا ثقيلاً على كاهل المواطنين الذين تحولت حياتهم إلى جحيم ، وكأنهم يعيشون في عصر المشاعية البدائية ، رغم أن العاصمة عدن هي المدينة التي عرفت الكهرباء كأول مدينة على مستوى اليمن والجزيرة العربية ، وذلك بسبب عجز الحكومة في معالجة معضلة الانقطاعات شبه الكلية للتيار الكهربائي.
أزمة الكهرباء كبّدت الأهالي المزيد من الأعباء المالية الإضافية، حيث يضطر الأهالي إلى شراء بطاريات بشكل دائم من أجل الإنارة، وخلال فترة زمنية وجيزة تتعرض هذه البطاريات للتلف، لأنها تحتاج الى الشحن الدائم مما يضطرهم إلى استبدالها بين الحين والآخر، وقد ارتفع ثمن بطاريات الإنارة في الآونة الأخيرة حتى بات المواطن يعجز عن شرائها، وتستمر المأساة ليعيش الأهالي وضعاً مأساوياً بسبب الكهرباء..
وكشفت وسائل إعلام محلية عن أسباب انهيار خدمة التيار الكهربائي في محافظة عدن، والتي أدت إلى تزايد مدة الإطفاء إلى أكثر من ١٨ ساعة مقابل ساعتين إنارة، وسط تحذيرات من توقف ما تبقى من إنتاج الطاقة الكهربائية ودخول محافظة عدن في ظلام كلي.
وكتب الصحفي العدني عبدالرحمن انيس، حول نوم سكان عدن، قائلا : " عدن لم تنم حتى الساعة الخامسة فجرا، نتيجة انقطاع الكهرباء، لكن الحقيقة ينام معظم السكان بعد طلوع الشمس التي تزودهم بطاقة تمكنهم تشغيل بعض المراوح المنزلية " .
المدينة التي لم يغمض لأهلها جفن :
وقال الصحفي أنيس في صفحته على منصة "اكس"، ليل ثقيل يمر على عدن، تنقطع فيه الكهرباء، وارتفعت فيه درجات الحرارة حتى بدت الجدران وكأنها تلهث من شدة القيظ.
ويصف حال سكان عدن بسكان المدينة التي لم يغمض لأهلها جفن وتابع القول :
" أشرقت الشمس، ولا يزال كثير من سكان عدن يتقلبون فوق أسِرَّة البلل والاختناق .. لم يغمض لهم جفن، ولم يعرفوا للراحة سبيلا " .
وأضاف : " غابت الكهرباء، فخلَّفت وراءها لهاث الأجساد، وبكاء الأطفال، وزفرات الشيوخ، وأنين المرضى تحت وطأة الحر والعجز . . أطفالٌ صغار تشبثوا بملابسهم المبللة، يصرخون دون وعي، لا يدركون ما يحدث، سوى أنهم يُعذَّبون بصمت . . وشيوخٌ أفنوا أعمارهم فوق تراب هذه المدينة، ضاقت أنفاسهم، وجف ريقهم، وناموا – إن ناموا – كمن يُصارع الموت على فراش من نار " .
وأختتم بالقول : " أما المرضى، فقد كانت ليلتهم قطعة من جحيم " .
ما السر وراء الانقطاع الكلي لكهرباء عدن ؟
لغز كهرباء عدن صار حديث المواطنين في منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية والشوارع والمنتديات وفي كل الأماكن دون استثناء .
وتعددت الأسباب التي تتداول على ألسنة الناس ، وفي تصريحات المسؤولين في الحكومة ووزارة الكهرباء وفرعها بالعاصمة عدن ، ولم يتفق الجميع على سبب واحد مقنع للانطفاء الكلي لكهرباء عدن والمحافظات المجاورة لها .
ويرى مواطنون سبباً رئيسيا لهذا الانقطاع الكلي المتعمد للتيار الكهربائي في العاصمة ومفاده إن الفساد قد نخر وزراء الحكومة ، وتحديداً وزاراتي الكهرباء والطاقة والنفط ، واستهجنوا تصريحات وزارة الكهرباء والطاقة بالعاصمة عدن بأنها لن تسمح بما اسمته بـ"خلق سوق سوداء للكهرباء" ، رداً على مزاعم لناشطين بوجود شركات تجارية لبيع خدمة الكهرباء بالعاصمة.
ويرى مواطنون أنه لربما هناك صفقات خفية بين تجار الكهرباء التجارية والمنظومات الشمسية مع مسؤولين فاسدين في الحكومة اليمنية الشرعية ووزارتي النفط والكهرباء ، لما من شأنه تعطيل خدمات الكهرباء لأشهر محدودة حتى يستطيع التجار بيع منظوماتهم الشمسية .
يعاني شعب الجنوب أوضاعاً معيشية سيئة للغاية، ولا يوجد أي بارقة أمل تنتشلهم من هذه المأساة التي يعانون منها في ظل تلك الوعود الكاذبة،فهذا يكلفهم المزيد من الأعباء المالية المضاعفة، حيث تكابد العديد من الأسر لتأمين قوت يومها، فمن أين لرب الأسرة العامل أن يؤمن وجبة غذاء لأطفاله بسبب الارتفاع المتزايد في الأسواق؟ ، ويمر شعبنا الجنوب بظروف استثنائية حرجة والدولة تقف عاجزة لمُعالجة مشكلاته كقطاع الكهرباء على سبيل المثال وليس الحصر ،جراء التدهور الاقتصادي، وانهيار قيمة العملة .