حضرموت هي المحافظة الأولى في الجنوب التي انطلقت منها شرارة ثورة الجنوب السلمية عندما خرج أبناءها في مظاهرات سلمية ضد نظام سياسة التمييز العنصري التي اتبعها نظام الإحتلال اليمني وواجهها باستخدام القوة المفرطة ،وسقط أول شهيدين هما بارجاش وبن همام،وكانت دماءهم الطاهرة بمثابة الشرارة الأولى لإطلاق ثورة الجنوب السلمية ،أو ماعرف بالحراك الجنوبي الذي تحدى الإحتلال وقواته وخرج أبناء الجنوب للمطالبة بإستعادة الدولة الجنوبية المسلوبة من مخالب الإحتلال اليمني القادم من الكهوف والجبال وعصور التخلف .
لقد أسعدت كثيراً باللفتة الكريمة التي قام بها العميد الركن سعيد أحمد المحمدي، رئيس القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بتكريمه للمناضلة والثائرة الحضرمية المسنة ليلى علي العكبري (أم هارون) تقديرا لنضالها ومشاركتها اللافتة والمؤثرة في مليونية حضرموت أولا ،التي شهدتها مدينة المكلا معقل الثورة الجنوبية السلمية التحررية يوم الخميس الماضي ٢٤ ابريل، بمناسبة الذكرى التاسعة لتحرير ساحل حضرموت من تنظيم القاعدة .
كلنا رأينا المناضلة أم هارون وهي تتوكأ على عكازها المزينة بعلم الجنوب ،وهي تضرب بها الأرض بثبات وعنفوان نحو ساحة الحرية ، هذا المشهد أثار إعجاب وتقدير الملايين ممن شاركوا في الفعالية وفي الداخل والخارج عندما شاهدوا أم هارون ،وهي تخطو بخطى ثابتة إلى ساحة الشهداء ،لقد جسدت بصمودها الأسطوري ،وعزيمتها الفولاذية صوت حضرموت الحقيقي الرافض للمشاريع الصغيرة والهلامية المدفوعة الثمن مقدماً التي تحاول سلخها عن جسدها الحقيقي ،لإلحاقها بجسم غريب دخلها محتلا على ظهر الدبابة والمدفع ،وحولها إلى اقطاعيات خاصة لفلان وعلان ،لم يقفوا عند هذا بل أمعنوا في سفك الدماء الطاهرة من ابناء الجنوب وفعل نظام صنعاء مالم يفعله الإستعمار البريطاني على مدى ١٢٨ عام بتخريب ما بناه الأجداد والآباء من مؤسسات وبنية تحتية على مدى قرون من الزمن .
ما قامت به الثائرة أم هارون موقف بطولي اختصرت فيه بصدق نضال أبناء حضرموت وعنفوان نسائها الثائرات اللواتي لهن دور نضالي بارز مميز ومشرف منذ إطلاق الثورة ،وأرسلت رسالة قوية ومزلزلة للمشككين في مواقف أبناء حضرموت النضالية ،ولمن يريد المتاجرة بإسم حضرموت والتلاعب بمصيرها على حساب السواد الأعظم من شعبها ،الذين قرروا مصيرهم وقالوها كلمتهم الفاصلة بالفم المليان حضرموت جنوبية الهوى والهوية ،ورسالة أم هارون خير شاهد على أن الحضارم هدفهم واضح وضوح الشمس ،ولا يمكن أن يفرطوا فيه قط مهما كانت التضحيات ،لكن للأسف الشديد هناك من لا يريد أن يفهم مايريده الحضارم من القوى اليمنية التي همها الأول والوحيد هو إعادة احتلال الجنوب مرة أخرى بطرق ملتوية وأكثر خبثا، لاغراقه في وحل الفوضى عن طريق بوابة حضرموت ،وهذا لن يحدث مهما حاولوا سيفشلون أمام وعي الحضارم وإصرارهم وعزيمتهم القوية خلف المجلس الإنتقالي الجنوبي حتى استعادة الدولة المسلوبة .
لقد جسدت هذه المرأة الحضرمية الشجاعة بنضالها وموقفها البطولي والمخلص لوطنها الجنوب الذي عبر عن هويتها الحضرمية وانتمائها لوطنها الكبير الجنوب العربي الأبي ،في كل خطوة كانت تخطوها تبعث برسالة للداخل والإقليم والعالم مفادها نحن هنا ثابثون على أرضنا الطاهرة المحروسة بأبطال نخبتنا الحضرمية ولا طريق لكل من يريد المتاجرة بإسم حضرموت روح الجنوب وقلبه النابض الذي يغذيها بالحياة إذا ذهبت ذهب الجنوب كله ،وان بقيت بقي الجنوب ،ألف تحية للمناضلة أم هارون ،ولكل حرائر حضرموت اللواتي زحفن، من كل حدب وصوب وكانت لهم مشاركة وحضور قوي فاق التوقعات ،وهذا مازاد من صراخ الأعداء والمتمسكين من بني جلدتنا بالوحدة المشؤومة التي تحولت إلى كابوس على شعب الجنوب .. !