عصر اليوم زرت صديقًا في المستشفى، كان قد تعرض لحروق من الدرجة الثانية. ذهبت للاطمئنان عليه، وعندما دخلت غرفته، وجدت آثار الحروق تكاد تخفي ملامح وجهه. قلت له: “الحمد لله على سلامتك يا شيخ، ماذا حدث؟”
رفع عينيه نحو زوجته الجالسة في زاوية الغرفة على كرسي، ثم قال: “مافيش أي حاجة… هذه نتيجة الشراكة.”
استغربت، ثم التفت نحو زوجته لأجدها تضحك بصوت مكتوم. حاولت تفسير كلامه، لكنني قلت في نفسي: ربما الرجل متأثر بالحروق.
قطع حيرتي عندما قال لي:
“مالك ساكت؟”
رددت عليه:
“والله أصبت بالدهشة، أنتم شعب دائمًا ترمون بلاكم على الآخرين! أيش دخل رشاد العليمي بحروقك؟ الرجال في الرياض ولا هو عارف أيه يحصل معكم!”
ضحك وقال:
“يا أخي افتهم لك غلط! أقصد الشراكة حقي في البيت! شفت فيديو للمذيعة المصرية ياسمين عز، وهي تقول إن على الرجل مساعدة زوجته في المطبخ. ما هي قلبت علينا بعد ما كانت في صفنا! وبصراحة أنا من اللي يسمعوا كلامها”.
همست زوجته وهي تضحك:
“هذا نهاية اللي يجلس مبحلق على ياسمين عز”.
فكرت للحظة: ربما بينهم مشاكل، وربما هي السبب في حرقه. لكنني قطعت الشك باليقين وقلت: “المهم أنك بخير. الحمد لله على سلامتك”.
رد سريعًا: “اجلس، أحكي لك اللي حصل لي!”
قلت: “مستعجل.”
أقسم علي أن أجلس وأسمع القصة، فلم أستطع الرفض. قلت له: “هيا قول يا معلم”.
بدأ يروي: “رجعت الظهر من السوق، ولقيت الكهرباء شغالة. نحن في البيت عندنا شولة كهرباء وشولة غاز. لما تكون الكهرباء شغالة، نطبخ على الشولة الكهرباء، ولما تنقطع، نستخدم الغاز. المشكلة أني ما كنت أعرف أن الغاز خلص، وأم محمد كانت تنتظر الكهرباء عشان تطبخ لنا”.
ثم تابع بحماس: “قلت لنفسي: الحرمة تطبخ كل يوم، خليني اليوم أطبخ بدلها. ما عندي شغل ولا مشغلة، والمدارس كلها إضراب. دخلت المطبخ، وفتحت اليوتيوب أبحث عن ‘كيفية طبخ الرز مع التونة’. فجأة، طفت الكهرباء! قلت: لا حول ولا قوة إلا بالله. حاولت أنقل الماء الفائر إلى شولة الغاز، لكن لما حاولت أشغل الشولة، ما اشتغلت. عصبت، وحاولت أضبط دبة الغاز. وفجأة، طاح قدر الماء المغلي فوقي وحرقني كما ترى”.
هنا، قاطعته مبتسمًا: “يا أخي الشراكة لازم يكون لها حدود وجغرافيا، مش شراكة سائبة تقودك إلى المستشفى! لو فكرت بالفلوس اللي صرفتها هنا واشتريت غداء من المطعم، كان أوفر وأحسن”.
ضحك وقال: “لكن هذه هي نتيجة الشراكة!”
نهضت وودعته، قال لي: “الله معك، توكل. وانتبه من أي شراكة فيها شولة كهرباء وشولة غاز”.
غادرت وأنا أضحك بيني وبين نفسي، وتأكد لي أن “الصين” تقود مؤامرة خطيرة من بوابة الشولة الكهربائية والشولة الغاز”.