عندما نقرأ التاريخ، نجد الأمم تتكاتف للدفاع عن نفسها في وجه أعدائها... أما في الحالة العربية، فإننا أمام نموذج فريد من نوعه، حيث يبدع العرب في تدمير أنفسهم بأيديهم، بينما العدو يقف جانبًا، يراقب ويصفق بحرارة.
البداية: العراق.. سقوط الحرية تحت الأنقاض
في العراق، اجتمع العالم العربي ليُبرهن على قدرة غير مسبوقة في تحطيم دولة بأكملها.
– النظام يجب أن يسقط!
صرخوا بصوت عالٍ.
– لكن ماذا بعد؟
سأل أحدهم.. رد الجميع بابتسامة عريضة: بعد؟
لا نفكر إلى هذا الحد!
والنتيجة؟
بلد يمتلك ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم، تحول إلى ساحة حرب مستمرة، حيث لا يعرف المواطنون معنى الكهرباء المستدامة، بينما الطائرات الأميركية تحلق فوق رؤوسهم بحرية مطلقة.
انتقال سلس إلى سوريا لنستمر في الكارثة:
بعد العراق، كان السؤال المطروح:
من التالي؟
كان الجميع ينظر إلى سوريا، وكأنهم يخططون لحفلة دمار جديدة.
بدأت الأحداث بشعارات الحرية والديمقراطية، وانتهت بتحويل المدن إلى أنقاض، والشعب إلى لاجئين.
لكن المثير للسخرية أن العرب والمسلمين لم يكونوا فقط شهود عيان على المأساة، بل كانوا في الصفوف الأولى من المساهمين فيها.
– دعم بالأسلحة؟ (موجود).
– بيانات الشجب؟ (جاهزة).
– تقارير إعلامية تشعل النار؟ (بالطبع).
إسرائيل.. المستفيد الأكبر بلا مجهود:
وسط كل هذا الخراب، تقف إسرائيل هادئة، وكأنها تقول: "لم نكن نحلم بكل هذا!
شكراً لكم.
تراقب الأوضاع بفرح، ترى الدول العربية تُدمر بعضها البعض، وترى الأراضي التي كانت يوماً رمزاً للحضارة الإسلامية تُقسم وتُنهب.
دمشق، عاصمة الأمويين، أصبحت على وشك أن تُحاصر وتُباع، بينما العرب منشغلون بنقاشات على القنوات الفضائية.
العرب.. أعداء أنفسهم:
إذا كان هناك شيء يتقنه العرب، فهو القدرة على تحويل أي فرصة أمل إلى كارثة.
– لدينا تاريخ عظيم؟ لنطمسه.
– لدينا موارد؟ لنُسيء استخدامها.
– لدينا شعوب حية؟ لنحولها إلى مهاجرين أو ضحايا حروب.
الإعلام منبر التحريض:
بدلاً من أن يكون الإعلام صوت العقل، أصبح وسيلة لصب الزيت على النار. قنوات عربية تتنافس في التحريض، برامج حوارية تنشر الفتن، وأخبار مزيفة تُباع للجمهور وكأنها الحقيقة المطلقة.
من العدو الحقيقي؟
في النهاية، السؤال الذي يجب أن نسأله لأنفسنا هو: من العدو الحقيقي؟
– هل هو الغرب الذي تدخل؟
– أم إسرائيل التي تراقب؟
– أم نحن، الذين نبني طريق الدمار بأيدينا؟
هل هناك أمل؟
الأمل موجود، لكنه لن يتحقق ما دمنا مستمرين في هذا الطريق المظلم.
لن يعود العراق ولا سوريا إلى ما كانا عليه إلا إذا استيقظ العرب من غفوتهم، وتوقفوا عن لعب دور "المتفرج المساعد"
حتى ذلك الحين، لن نستغرب إذا استيقظنا يومًا ووجدنا بلداً عربياً آخر قد انضم إلى قائمة الضحايا، بينما العدو يصفق بحرارة، والعرب يكتبون بيانات شجب جديدة.