أكد البنك المركزي عدن أول أمس التزامه بحماية القطاع المصرفي من انتهاكات المليشيات الحوثية الإرهابية، مشدداً على سريان جميع قراراته الأخيرة دون أي استثناءات .
جاء ذلك في بيان صادر عن البنك نفى خلاله صحة الأنباء المتداولة حول منح مهلة إضافية للبنوك المخالفة ، وأكد البيان أن هذه القرارات تعكس الإرادة السيادية للدولة اليمنية ومؤسساتها الشرعية ، وناشد وسائل الإعلام تحري الدقة والاعتماد على المصادر الرسمية في نقل التطورات الاقتصادية، محذراً من خطر تضليل الرأي العام بالإشاعات.
إجراء آخر بحرمان الحوثي من مورد اقتصادي هام :
قررت حكومة المناصفة المعترف بها دولياً حرمان ميليشيا الحوثي الإرهابية، الموالية لإيران، من مورد اقتصادي هام ليضاف إلى إجراءات البنك المركزي اليمني بشأن إنقاذ القطاع المالي في البلاد وإنهاء عبث الميليشيات.
وبحسب وثيقة متداولة، وجه وزير النقل، الدكتور عبدالسلام صالح حُميد، شركة الخطوط الجوية اليمنية، بتحويل كافة إيرادات الشركة إلى حساباتها البنكية في العاصمة عدن أو إلى حساباتها البنكية في الخارج، اعتباراً من بداية يونيو 2024م.
وأوضح في رسالة موجهة إلى رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية اليمنية أن الهدف من هذا القرار هو إبعاد الإيرادات عن سطوة المليشيات الحوثية ولتتمكن الشركة من الإنفاق على تشغيل الشركة وتطوير وتحديث أسطولها، خاصة بعد السطو على أرصدتها في بنوك صنعاء والتي تتجاوز 100 مليون دولار.
وأشار الوزير حُميد، إلى المراسلات السابقة بهذا الشأن، المستندة إلى قرار رئاسة الجمهورية بنقل كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية إلى عدن، وإلى قرارات البنك المركزي عدن، التي أوقفت التعاملات مع البنوك التجارية بسبب عدم التزامها بنقل مراكزها إلى عدن، والتي تتعامل معها مكاتب اليمنية ومكاتب التوكيلات في المحافظات الواقعة تحت سيطرة المليشيات الحوثية.
كما وجه وزير النقل شركة الخطوط الجوية اليمنية بنقل ما تبقى من إدارات في صنعاء إلى مركز الشركة الرئيسي في العاصمة عدن، وبصورة عاجلة .
هذه الدعوة جاءت بعد ساعات من تعميم لمليشيا الحوثي لمكاتب ووكالات السفر بعدم التعامل مع إجراءات توجيهات حكومية سابقة للخطوط الجوية اليمنية بشأن نقل حساباتها إلى عدن أو الخارج.
الزُبيدي: إجراءات البنك المركزي ضرورة وطنية تأخرت كثيراً
وأكد عضو مجلس القيادة الرئاسي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، على أهمية القرارات والإجراءات التي اتخذها البنك المركزي اليمني في إطار إصلاح القطاع المالي والمصرفي.
وقال خلال ترؤسه الأربعاء الماضي ، اجتماعاً لقيادة البنك في عدن، "إن تلك الإجراءات ضرورة وطنية تأخرت كثيرا، ولكن يتوجب عليكم في هذه المرحلة تكثيف الجهود لحماية القطاع المالي والمصرفي، والمُضي قُدما في الإصلاحات المالية والإدارية الشاملة لاستعادة ثقة المؤسسات المالية الإقليمية والدولية بالبنك".
الزُبيدي، خلال الزيارة اطلع على سير العمل في البنك، وإداراته، وأقسامه المختصة، مؤكدا أن زيارته هذه تأتي دعما ومساندة للإجراءات التي اتخذتها قيادة البنك لحماية القطاع المصرفي في البلاد، وإنقاذه من العبث والابتزاز الممنهج الذي مارسته المليشيات الحوثية الإرهابية خلال السنوات الماضية.
أسباب تمسك الحوثي بالبنوك التجارية التي شملها قرار مركزي عدن :
مع مرور الأسبوع الأول، جددت مليشيا الحوثي الإرهابية إطلاق تهديداتها بالرد على الإجراءات والقرارات الصادرة عن البنك المركزي عدن لاستعادة دوره بالإشراف على القطاع المصرفي في اليمن ، وهو ما يثير التساؤل، حول أسباب تمسك مليشيا الحوثي اليوم بالبنوك التجارية التي شملها قرار وقف التعامل من قبل البنك المركزي في عدن، بل والتهديد بمصادرة أصولها في مناطق سيطرتها في حالة الاستجابة لقرار الأخير.
وبحسب مصادر مصرفية، فإن القانون الحوثي حول البنوك التجارية التي تتخذ من صنعاء مقراً رئيساً لها إلى مجرد وكلاء للتحويلات الخارجية، سواءً من الأفراد أو المؤسسات الأجنبية، وهو السبب الرئيس وراء موقف المليشيا الحالي الرافض بشدة قرار نقل مراكز عملياتها إلى عدن.
وأوضحت بأن البنوك التجارية وتحديداً الستة التي جرى إيقاف التعامل معها بقرار البنك المركزي تعد أكبر البنوك التجارية في اليمن وأقدمها ، وبحسب تقارير البنك المركزي لعام 2022م، بلغت تحويلات المغتربين وتمويلات المانحين للمنظمات والمشاريع في اليمن نحو 7,7 مليار دولار، في حين لم تصل صادرات النفط منذ مطلع العام حتى وقفها في أكتوبر المليار دولار أمريكي.
مما يجعل من تحويلات المغتربين وتمويلات المانحين المصدر الوحيد للعملة الصعبة لليمن بعد توقف تصدير النفط جراء هجمات مليشيا الحوثي، في مواجهة فاتورة الاستيراد التي بلغت، وفق التقرير السابق، أكثر من 12 مليار دولار.
سفراء الاتحاد الأوروبي بعدن لدعم قرارات البنك المركزي :
أعلنت بعثة الاتحاد الأوروبي في اليمن، الأربعاء الماضي ، عن اختتام رئيسها غابرييل مونويرا فينيالس، وسفراء كل من فرنسا كاثرين كورم-كمون، هولندا جانيت سيبن، وألمانيا هيوبرت ياغر، زيارة رسمية مشتركة إلى العاصمة عدن، هي الثانية من نوعها منذ مطلع العام 2024.
تأتي هذه الزيارة بالتزامن مع احتدام المعركة المصرفية التي تخوضها الحكومة الشرعية مع مليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، ضمن الإصلاحات الاقتصادية التي انتهجها مجلس القيادة الرئاسي منذ العام الماضي وبشكل مستمر حتى اليوم.
والتقى السفراء الأوروبيون هذه المرة عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزبيدي، الثلاثاء الماضي ،كما التقى السفراء الأوروبيون في هذه الزيارة كلا من وزير التخطيط والتعاون الدولي واعد باذيب، وزير المالية سالم بن بريك، وزير الكهرباء مانع بن يمين، ومحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي. وفي سياق المسار الدبلوماسي لخفض التصعيد، التقوا رئاسة هيئة التشاور والمصالحة.
وفي جميع هذه اللقاءات، كانت المعركة الاقتصادية والمصرفية على رأس القضايا التي تمت مناقشتها من قبل السفراء الأوروبيين والمسؤولين اليمنيين.
ماذا بعد قرارات البنك المركزي عدن .. الحرب أم السلام ؟
وفي هذا السياق نتساءل هل تتجه اليمن نحو جولة جديدة من الحرب بعد قرارات البنك المركزي عدن ؟ وهل هي الجولة الأخيرة من الحرب؟ وهل ستكون الجولة سقوط تلقائي للميليشيا بفعل الحرب الاقتصادية التي يبدو أنها أوجعت ميليشيا الحوثي بعد أن فشلت جدوى الحرب العسكرية والسياسية عليها منذ أكثر ٩ سنوات ؟
أم أنها الجولة التي تنهي كل الآمال في السلام ليدخل اليمن مرحلة الصوملة والانهيار الاقتصادي؟
المتتبع للأزمة الحالية في اليمن منذ اندلاع الحرب قبل ما يزيد على ٩ سنوات والتي يغلب الطابع المصرفي المالي عليها باعتباره أبرز الأسباب المؤثرة في انهيار العملة المحلية لاسيما في المناطق المحررة ، وتداعيات آثارها الكارثية على المستوى المعيشي للمواطنين في كل المناطق المحررة والمناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية ، وما نجم عن هذا الانهيار في القطاع المصرفي من توقف الرواتب ، وغلاء الأسعار في مختلف المجالات والصعد .. كل تلك المشكلات التي أثقلت حياة المواطنين طوال تلك السنوات التسع المنصرمة ، والتي لم تشهد أية إجراءات حقيقية ملموسة من قبل الحكومات الشرعية المتعاقبة ظلت معاناة المواطنين هي عنوان رئيسي لوطاة الأزمة التي تعيشها البلاد ، وفي ظل فشل كل الحلول والمبادرات الساعية لإحلال عملية السلام ، وتعنت الطرف الحوثي في إفشال كل المبادرات الدولية والإقليمية للخروج من هذه الأزمة .
قرارات موجعة تقصم ظهر الميليشيا الحوثية :
وأخيراً انتهجت الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً قرارات شجاعة ومصيرية لإيقاف عبث الميليشيات الحوثية بالقطاع المصرفي والموارد ، وكانت القرارات الأخيرة الذي اتخذها البنك المركزي عدن بإلغاء التعامل بالعملة القديمة وصرف عدد من بنوك النظام السيوفت العالمي هو بمثابة إعلان الحرب على المليشيا الحوثية التي عاشت فساداً في هذا الجانب.
وبحسب وثيقة متداولة، وجه وزير النقل، الدكتور عبدالسلام صالح حُميد، شركة الخطوط الجوية اليمنية، بتحويل كافة إيرادات الشركة إلى حساباتها البنكية في العاصمة عدن أو إلى حساباتها البنكية في الخارج، اعتباراً من بداية يونيو 2024م.
وتوالت الضربات الموجعة لميليشيا الحوثي حيث وجه وزير التخطيط والتعاون الدولي، وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المكلف د. واعد باذيب في خطاب رسمي شركات الهاتف النقال بصورة عاجلة مراجعة وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بالعاصمة عدن واستكمال الإجراءات اللازمة لتصحيح أوضاعها ومتابعة الإدارة لشركات الهاتف النقال بالوزارة ، والالتزام بشكل كامل بنقل مقراتها فنيا وإدارياً ومالياً إلى العاصمة عدن للحصول على التراخيص اللازمة وتسديد المديونية السابقة .
وزارة النقل تعمم إلى جميع وكالات السفر :
ودعت أول أمس وزارة النقل اليمنية في العاصمة عدن جميع وكالات السفر المعتمدة في المحافظات التي تحت سيطرة المليشيات الحوثية الانتقال إلى عدن وجميع المحافظات المحررة أو إلى خارج اليمن لمزاولة نشاطها.
والمتتبع للتصريحات الحوثية بعد إعلان هذه القرارات أن الميليشيات الحوثية قد ضاقت ذرعاً لاستشعارها بخطر هذه القرارات لاسيما وأنها مدعومة مراكز صناع القرار الدولي والتي لا يمكن نأيها بعيداً عن الصراع في منطقة البحر الأحمر وباب المندب ، والاتجاه بتغيير مجرى المواجهة من الناحية العسكرية إلى الناحية الاقتصادية ، لإسقاطها من الداخل .. وبالتالي فلم يعد أمام الميلشيات الحوثية سوى خياران أما القبول بالأمر الواقع لسقوطها أو إعلان الحرب وهو الخيار الأكثر توقعا ، والذي ستنجم عنه آثاراً جانبية أخرى قد تسبب في استمرار سيناريو الحرب إلى أجل غير مسمى ، بعد إبرام السعودية اتفاق السلام مع المليشيا الحوثية وبرعاية صينية وإيرانية وعمانية الذي نص على وقف الطلعات الجوية ضد الحوثيين، مقابل وقف الميليشيا عن إطلاق الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية باتجاه الأراضي السعودية، وليس من مصلحة السعودية إلغاء هذه المعاهدة، مما يعني أنه إذا لم تتخذ السعودية خيارات أخرى فستكون الحرب يمنية - يمنية .
ويبقى السؤال هل ستتخلى السعودية كراعية للتحالف العربي في اليمن عن الحكومة الشرعية لتتركها وحيدة في مواجهة ميليشيات مدعومة إيرانياً ويسقط مشروعها الذي جاءت من أجله قبل تسع سنوات في يد تلك الميليشيات التي أن أحكمت سيطرتها على اليمن فستكون السعودية ودول الخليج العربي في خبر كان إذا ما سيطر الحوثيون على مساحة اليمن وامتلكوا كل مقومات الدولة لاسيما وأنها قد ألحقت الضرر بالسعودية في حربها على الجانب الآخر وهي لم تكن سوى ميليشيات وليس دولة ؟ أم أن المملكة ستتخذ استراتيجيات أخرى لإسقاط الميليشيات باستمرار الحرب الاقتصادية ، وتعزيزها بدعمها للحرب العسكرية والسياسية على تلك الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران.. وهذا الخيار يتطلب أن تقف الملكة العربية السعودية إلى جانب تطلعات شعب الجنوب في استعادة دولته الجنوبية تحت قيادة المجلس الانتقالي الذي أثبت أنه شريكاً قوياً مع التحالف العربي في مواجهة الحوثيين ومكافحة الإرهاب ، لا سيما وأن طرف قوي على أرض الواقع وامتلاكه قوات مسلحة تمتلك كفاءات قتالية عالية وباستطاعتها قلب الطاولة على الحوثيين إذا ما لقيت الدعم العسكري واللوجستي من قبل التحالف العربي والمجتمع الدولي ، وإلحاق الهزيمة بتلك الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران.