تصاعدت وتيرة الاحتجاجات الشعبية في لبنان، صباح اليوم الاثنين، قبل ساعات قليلة من انتهاء المهلة التي حددها رئيس الحكومة، سعد الحريري، للقوى السياسية للتوافق على ورقة الإصلاحات التي ما زالت موضع خلاف سياسي ورفض شعبي.
وبعد ليل صاخب بالتظاهرات، التي شارك فيها مئات الآلاف في بيروت ومدينتي صيدا (جنوب) وطرابلس (شمال) ومناطق أخرى، صعّد المحتجون حراكهم، صباح اليوم، بإقفال الطرق.
ومنذ الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي، كانت أكثر من 50 طريقاً قد قُطعت بالكامل، ولا سيما المداخل الشمالية والشرقية والجنوبية لبيروت، بجانب العديد من الطرق داخل العاصمة.
كما سجل قطع طرقات عند نقاط رئيسية بين المدن في مختلف المناطق اللبنانية، وفي منطقة جل الديب (شمال بيروت)، منع المتظاهرون أحد المسؤولين من عبور الطريق السريع باتجاه بيروت، مطلقين في وجهه هتاف "ثورة ثورة"، قبل أن يعود أدراجه، بحسب ما أفادت الوكالة الوطنية للأنباء الرسمية.
ومنذ مساء يوم أمس، انتشرت دعوات إلى تصعيد الاحتجاج عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن بينها رسالة صوتية تقول إن "جماعة الدولة تتصل بكل أصحاب الشركات وتقول لهم إن اليوم هو يوم عمل عادي، وأصحاب الشركات يطلبون من موظفيهم التوجه إلى العمل. ندعو الكل إلى عدم الخروج من الشارع، وعدم فتح الطرقات إلى أيّ كان. يجب أن نشلّ البلد غداً (اليوم)، حتى أن اجتماع مجلس الوزراء يجب ألا يُعقد، إذا استسلمنا نكون قد خسرنا كل شيء".
يأتي ذلك، في وقت يفترض عملياً أن تنتهي المهلة التي أعطاها رئيس الحكومة، سعد الحريري، للقوى السياسية لإقرار ورقة الإصلاحات الاقتصادية، بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي.
ومع ذلك، فإنه حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، لم تكن الورقة المقترحة من الحريري قد حظيت بتوافق عام.
ولم يشارك حزب "القوات اللبنانية"، الذي استقال وزراؤه الأربعة من الحكومة، في المشاورات التي أجراها الحريري بشأن الورقة الاقتصادية، فيما قال رئيسه سمير جعجع، في مقابلة مع قناة "العربية" السعودية، إنّ "الأحداث تخطت أي ورقة إصلاحية، ويجب الذهاب إلى تغيير جذري، وأخذ ما يطلبه النّاس في الاعتبار".
أما "الحزب التقدمي الاشتراكي" فربط بقاءه في الحكومة "بالإصلاحات تنفيذاً وتوقيتاً".
وقال وزير الصناعة اللبناني، وائل أبو فاعور، إن "الاشتراكي" أضاف على الورقة التي أعدها الرئيس الحريري، بعض الأمور النوعية الجذرية، مشيراً إلى أن الحريري تلقف أفكار الحزب بإيجابية.
لكن رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنلاط، قال، في حديث إلى قناة "الجزيرة" القطرية مساء، إن "بعض الوزراء يجب أن يتنحوا"، وأكد أنه "لا يمكننا البقاء معهم في الحكومة"، مسمّياً بشكل خاص وزير الخارجية، جبران باسيل.
وأعلن جنبلاط رفضه الورقة الاقتصادية المقدمة من الحريري، داعيا إلى إجراء انتخابات نيابية على قاعدة نظام انتخابي جديد.
واعتبر جنبلاط أن على "حزب الله" أن "يتفهم غضب الشارع"، مشددا على أن تغطية الحزب لما وصفه "رمز الاستبداد" (باسيل) "يجب أن تتغير".
وفي أول رسالة دعم صريحة لمطالب المتظاهرين بمكافحة الفساد في لبنان، نقلت قناة "الحرة" عن مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية، قوله إنّ "عقوداً من الخيارات السيئة والفساد دفعت الدولة إلى حافة الانهيار الاقتصادي"، معرباً عن أمله في أن "تحفّز هذه التظاهرات بيروت على المضيّ قدماً بإصلاح اقتصادي حقيقي".
وأشار المسؤول الأمريكي إلى أنّ الحكومة الأمريكية تدعم حق اللبنانيين في التظاهر السلمي.
في المقابل، نقلت صحيفة "الجمهورية" عن مصادر دبلوماسية قولها، إن "الحريري تلقى رسالة شفوية من القيادة الروسية، أكدت له فيها أنها لا تحبّذ استقالته نظراً للظروف الصعبة التي يمر بها لبنان والمنطقة في هذه المرحلة".