سبق وأن تطرقت في منشور سابق إلى ازلية الأطماع الدولية بدول منطقة الخليج العربي بشكل خاص، وبجميع الدول العربية بشكل عام.
ولكن بفضل الموقف العربي الموحد انذاك،والذي يأتي قبله فضل الله العلي العظيم بتسخير نشوب الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، التي شكلت طوق حماية عليها لمنع كل منهما الآخر من بسط نفوذه على هذه المنطقه.
ولكن اليوم تواجه دول منطقة الخليج العربي بشكل خاص، وبقية الدول العربية بشكل عام تحديات كبيرة، ولنفس الاهداف،وستظل هذه التحديات طالما والموقف العربي ليس غير موحد فحسب،بل يشوبه التأمر على بعضهم البعض خدمة للمخططات، والأهداف القديمة الجديدة للطامعين ببلدانهم ، في الوقت الذي فيه يدركون بأن هذه المخططات تشمل الجميع دون استثناء ، والمخاطر تهدد الجميع، وليس احد منهم في منأي بما فيها الدول التي تربطها علاقات كبيرة وتحالفات، ومصالح مع تلك الأطراف الطامعة ، وسيأتي دورها وفق المخطط.
وما هو حاصل في فلسطين، وسوريا والعراق، وشمال اليمن وجنوبه، والسودان، وليبيا، والصومال من حروب متواصلة، وحالة عدم الاستقرار بسبب تغذية الصراعات فيها، يأتي في إطار هذا المخطط، والهدف اليوم لهذه الأطراف الطامعة هي مصر، فخلق التوترات في خط الملاحة الدولية لوقف قناة السويس وحرمان مصر والشعب المصري من إيرادات القناة من جهة، وخلق أزمة اقتصادية من خلال مضاعفة اسعار السلع بتكلفة النقل بسبب طول المسافات التي تقطعها السفن التجارية عبر البحر المتوسط من جهة أخرى ، وهو ما يولد أزمة اقتصادية للشعب المصري لهدف خلق حالة غليان وتفكك بين أوساطه ،وسبق ذلك خلق التوترات بين مصر واثيوبيا من جهة، ومصر والسودان من جهة أخرى، وكل هذا التصعيد، والتهديد المباشر والغير مباشر على أكثر من جهة، وعلى أكثر من صعيد،لاضعاف مصر وإذا ما سمح الله وانهارت ام الدنيا من السهل انهيار بقية الدول العربية، التي لا زالت قائمة، مع انها في الوقت نفسه تحت التهديد.
والسؤال هنا لماذا لا يتوحد العرب في مثل هذه الظروف والأوضاع المعقدة، وفي ظل التحديات والمؤامرات الأجنبية التي تستهدفهم جميعآ؟!.
فما هو المانع من تفعيل جامعة الدول العربية لحل الخلافات والتباينات بين الدول العربية في الوقت الذي فيه لا توجد خلافات كبيرة تصل إلى حد القطيعة والمواجهة العسكرية فيما بينهم، وهو ما يسهل لتوحيد الموقف السياسي، والاقتصادي والعسكري،ليشكلون معاً قوة عالمية عظمى موازية للدول الكبرى لاسيما وهم يدركون بأن جميعهم مستهدفين من جهة، ولديهم الإمكانات الكبيرة التي تؤهلهم إلى أن يكونون قوة عظمى من جهة أخرى؟!.
فمساحة الدول العربية حوالي 13 مليون وخمسمائة الف كم2، وسكانهم حوالي 473 مليون نسمة، وهذه الثروة البشرية تضاف إلى الثروات الكبيرة والمتنوعة الأخرى التي يمتلكونها، والتي لا توجد في بلدان العالم الأخرى، إضافة إلى ،الأراضي الزراعية الواسعة الكفيلة بزراعة جميع انواع الحبوب والخضار والفواكه وغيرها من المنتجات الزراعية، إضافة إلى المواقع الاستراتيجية الهامة التي تمتلكها ؟!.
إذن لماذا الاصرار على استمرار التأمر والتخلي عن بعضهم، والقبول بالضعف والتبعية والاذعان للدول التي تهدف إلى نهب ثرواتهم وابادة شعوبهم؟!.
ألم يعي أولئك الحكام انه بالموقف العربي الموحد، تكمن قوة العرب، وازدهار وتطور بلدانهم، وبالموقف العربي الموحد تسمو العزة، وتصان الكرامة للشعوب العربية ، وسينتهي عهد التبعية، والارتهان، وسياسة الاذلال، والابتزاز!! .
فمتى يصحو القادة والحكام العرب، وينفضون عار الذل والهوان والخنوع، عنهم وعن شعوبهم، ليعيشون في عزة وكرامة وشموخ، ليتعامل المواطن العربي بعملة موحدة، ويتنقل بين جميع اقطاره بالبطاقة الشخصية، مثلما هو معمول بدول الاتحاد الأوروبي، مع ان العرب هم الأقرب والاسهل لتطبيق هذا التحالف بحكم العديد من العوامل التي تجمعهم وتوحدهم ومنها الدين واللغة، بعكس بلدان الاتحاد الأوروبي، التي لكل دولة لغتها الخاصة بها.
فهل ياترى يتحقق هذا لاسيما والظروف مواتية لتحقيقه، نتمنى ذلك ؟!.
24 فبراير 2024 م