كتبت / المحامي فضيلة الصبري
من منكم زار مقر المجمع القضائي في محافظة تعز ؟
اذا زرتم هذا المجمع أو المبنى فستشاهدون الناس تكتظ أمام المجمع و في أروقة المجمع ،في الدرج،وفي الممرات، وستشاهد ما لا يطيب لك مشاهدته من مناظر وازدحام شديد لا تدل بأنك في مجمع قضائي أو أمام مجمع قضائي ،بل في سوق مكتض بالناس رجالا ونساء دون أي تميز أو اعتبار للجوانب الدينية والإنسانية.
اذا. كنت تبحث عن العدالة قد لا تستطيع الدخول إلى المحكمة،ليس لأن هناك مانع من أحد،بل لأن المجمع القضائي مزدحما جدا بالناس المراجعين والمحاميين والقضاة والامن، واذا دخلت أروقة المجمع ستجد أن هناك من يعقد جلساته في ممرات غرف وصالات العمارة، وداخل قاعات جلسات المحاكم قد لا تجد مكانا تجلس فيه بشكل لائق ومحترم، فالغرف التي لا يتجاوز أكبرها مساحة غرفة 3 متر على 4 متر،والمتقاضون ملتصقون ببعضهم بشكل غير انساني فتلك الغرف الضيقة التي تفتقر لأدنى معايير الآدمية المراعية لحاجات الناس لاستنشاق الأكسجين ، ناهيك عن احتمال تعرض هذه الأكوام البشرية للمخاطر اذا حصل ما لا يحمد عقباه كحريق أوانفجار او غيرها،فلا يوجد مخارج للناس احتياطية أو حتى طفاءات حريق تنقذهم ،كوسيلة أمان احتياطية تفرضها الدولة والقانون على ابسط الأماكن العامة كالفنادق وغيرها، بل في دهاليز محاكم هذا المبنى وفي أيام الصيف لم تستطع السلطات أن توفر مروحة داخل غرفة تقي الناس والعاملين في المحاكم حر الصيف، ولا تجد إنارة مناسبة داخل الغرف المظلمة.
فمن ضمن المشكلات والمعوقات التي تعرقل سير عمل الأجهزة القضائية في تعز و التطويل في الإجراءات القضائية ضيق المكان،وعدم وجود مبنى مجهز لعمل القضاة داخل محافظة تعز بشكل يدل على وجود محاكم قضائية حقيقية،تتناسب مع مكانة وقداسة القضاء وهيبة القضاة وقداسة مهامهم، فبعد تدمير مبنى المجمع القضائي في جبل جرة، قامت السلطات القضائية في تعز المدينة باستئجار عمارة في جولة المرور ،بُنيت هذه العمارة بالاصل للسكن ،و بقدرة قادر خصصت السلطات هذا المبنى الضيق ليكون مقرا لأكثر من ثلاثين محكمة في المحافظة بما فيها محاكم مديريات محافظة تعز الواقعة تحت سلطات حكومة صنعاء.
منذ عشرة أعوام وفي ظل الانفلات الأمني في المحافظة وزيادة المشاكل بين المواطنين ازداد أعداد المواطنين الذين يبحثون عن العدالة في حل قضاياهم في المحاكم، لم تكلف السلطات القضائية والإدارية نفسها البحث عن حلول لمشكلة المباني البديلة للمجمع المدمر في جبل جرة،واكتفت بهذا المبني الضيق المزدحم جدا، دون أن تعطي السلطات المحلية والمركزية أي اهتمام في حل هذه المشكلة.
هذه المشكلة تظل تؤرق المواطنين العاملين في الأجهزة القضائية في تعز؛ لكن ما الحلول الممكنة ؟
نقترح على السلطة المحلية في المحافظة و المركزية في العاصمة المؤقتة عدن ممثلة بوزير العدل ،هذه الحلول البسيطة والممكنة وهي على النحو التالي :
1- استئجار مباني أخرى تكون مناسبة وواسعة في مناطق اخرى أو مباني إضافية بجوار المبنى هذا ،ويتم تغطية نفقات الايجار من الموارد المالية التي تجبيها المحاكم كرسوم وغرامات أو بالبحث عن تمويل من جهات أخرى.
2- تجهيز واعادة تأهيل المبنى المدمر في جبل جرة واستعادة الحياة القضائية فيه تدريجيا بتمويل مركزي من الدولة أو مطالبة التحالف الذي ساهم بشكل كبير في تدميره .
3- بشكل مؤقت يمكن تخصيص بعض المباني التابعة لجهات أخرى، والتي تسيطر عليها الوحدات العسكرية مثل المعهد الوطني للعلوم الإدارية أو المعهد المهني في الحصب او المدارس التي تحولت إلى ثكنات عسكرية.
4- وضع خطة بديلة لبناء مباني تتبع القضاء في الاراضي التابعة للقضاء أو الدولة أو الأوقاف، ويتم تمويلها من بيع أراضي تتبع الدولة أو غيرها
نتمنى في هذا الموضوع أن نوقض وننبه السلطات المعنية بأهمية هذا الموضوع ،فهناك الكثير من الحلول الممكنة والتي لن تغيب عمن يبحث عن حل لمشكلة مبني المجمع القضائي والتي تراعي أهمية الأجهزة القضائية في فرض هيبة الدولة واستتباب الأمن والاستقرار في المحافظة المنكوبة والمحاصرة، والله والعدالة من وراء القصد.