اليوم قلت سأخرج وأشم هواء لأتنفس خاصة مع تأخر الراتب، ومشيت في شوارع خور مكسر، وكانت تمر بجانبي سيارات البرادو والفورشنر وأغلبها تابعة لمنظمات عاملة في اليمن، ولأنني فضولي دخلت حي السفارات سابقًا حي المنظمات حاليًا نسبة لكثرة المنظمات فيه، مررت في هذا الحي وعند خروجي من هذا الحي انقطعت الجزمة -أعزكم الله- فتوقفت حتى لا يراني أحد، وكنت أسحبها وأنا أتقدم باتجاه الخط رويدًا رويدًا.
رأيت أحد الموظفين بأحد المنظمات يأتي إلى منظمته يلبس هندامه المخصص بالمنظمة فتوقفت حتى لا يلاحظ الجزمة المقطوعة، تقدم نحوي وهو يبتسم، وأنا أقول: يا الله إنه ما شاف الجزمة المقطوعة، فاقترب مني، وصافحني وهو يقول: كيف حالكم يا دكتور؟ شديت رجلي على الجزمة حتى أحافظ على هيبة الدكتور، فقلت له: الحمد لله، فقال: أيش جابك هنا يا دكتور؟ فثبت رجلي على الجزمة لأحافظ على مكانة الدكتور، وقلت له: أدور على وظيفة مع المنظمات، فقال: احمدوا الله أنكم في الجامعة مرتاحين، يكفيكم مكانتكم الأكاديمية، فضغطت بكل قوتي على الجزمة، للحفاظ على المكانة الأكاديمية، واستمر في حديثه، قائلًا: نحن والله يا دكتور تعبانين، فشددت على الجزمة عند سماعي كلمة الدكتور لأثبت مكانة الدكتور أكثر، وقال: شفنا مرابطين في عملنا مع المنظمة والراتب لا يزيد على ألف دولار، وسألني سؤالًا أحرجني كثيرًا أنتم في الجامعة كم رواتبكم؟ فحاولت التملص من السؤال كما تحاول النساء الهروب من الإجابة عن سنهن، ولكنه أصر على الإجابة، فقلت: لا بأس ارفع راتبي قليلًا مش مشكلة، فقلت: 200 ألف، فنظر إليَّ وهو يضحك، وقال: والله ما أشتي منك سلف، بس قل لي الحقيقة، كم راتبك؟ فاعترفت له بالحقيقة، وقلت له راتبي 96 ألف عشرين منها تذهب عندما نذهب إلى الكلية، يعني 76 ألف، فتركني ومشى وهو يقول: يا دكتور ليش ما تقولون الحقيقة؟ أنتم تتسلمون أفضل الرواتب، قده واضح من المشية الأكاديمية حقكم، فودعني وهو يضحك، فقلت في نفسي: أيش يقصد بالمشية الأكاديمية؟ هل شاف الجزمة أو كيف؟ استمريت في المشية الأكاديمية -حسب قول صاحبي- حتى وصلت الخط، وركبت بالدباب، وأنا ضاغط على الجزمة الاكاديمية، أقصد الجزمة المقطوعة أعز الله الجميع.
بعد هذا الموقف الصعب الذي حصل لي مع الجزمة توجب على كل أكاديمي أن يتفاقد جزمته قبل الخروج من المنزل، وأن يحافظ على المشية الأكاديمية، وسلامتكم.