كتب / عبدالحكيم الدهشلي
كثر الحديث واللغط حول مباحثات السلام اليمنية الجارية، وأحدثت الجدل، والتباينات وحالتي التفاؤل لدى البعض، والتشاؤم، لدى البعض الآخر، وهناك من لا يعيرها اي اهتمام،وكلاً يحلل نتائجها من زاويته، وفق قرأته للمشهد، ومتغيراته.
وبما أن هذه المباحثات تحمل اسم سامي ونبيل وهو السلام الذي ينشده كل العالم اذا ما كان بمعناه الحقيقي، ويؤسس لسلام عام ودائم، من خلال اخذ جذر المشكلة ومعالجتها من أساسها، والتعامل مع جميع الأطراف بمصداقية وحيادية، استنادًا للقانون الدولي والمواثيق والمعاهدات الدولية من جهة، وعلى الوقائع التي افرزتها جميع مراحل الحرب منذ بدايتها وحتى اللحظة من جهة أخرى.
لكن من خلال متابعتنا لهذه المباحثات، حيث نراها بالحقيقة تسير عكس اسمها،وتؤسس لحرب جديدة، ولكن بين طرفي معادلة الحرب القائمة الرئيسيين الشمال والجنوب، بعد أن تم التغييب المتعمد للجنوب من هذه المعادلة منذ بدايتها ، في الوقت الذي هو فيها احد طرفيها الرئيسان ، وهذا ما اثبته جميع مراحلها بأنها شمالية جنوبية بامتياز.
قد يسأل البعض لماذا هذا التشاؤم، ولماذا لا نستبشر خيرًا من هذه المباحثات ، ولو على أقل تقدير تعالج الملفات الإنسانية حسب ما يقال بأنها من أولويات اهتماماتها ؟!.
وهنا أود اذكر بأن الملفات الإنسانية لاسيما في الجنوب،المحرر الذي يمثل ضعف مساحة المناطق التي تحت سيطرة الحوثيين، تم إنتاجها بعمل ممنهج، من قبل منظومة الاحتلال المسماة بالشرعية، والا ما كان لها أن تصل إلى ما هي عليه اليوم،لاسيما لوجود الكثير من مصادر الدخل الوطني الجنوبي،منها عائدات ثرواته المختلفة، وايرادات موارده، المختلفة أيضاً، والتي هي كفيلة بتوفير ميزانية دولتين وليس دولة إذا ما تم الحرص عليها ، وترشيد أنفاق هذه المبالغ . التي تقدر بمئات المليارات يوميًا.
اما بالنسبة لتهديد الحوثي بضرب آبار النفط والغاز، إذا ما استمر تصديرهما فهي فزاعة، واتخذوا منها ذريعة لتغطية فشلهم المتعمد ، الناتج عن نهبهم لعائدات وايرادات الجنوب،من جهة، وإبقاء وضع الجنوب وشعبه هش ليسهل السيطرة عليه فيما بعد من جهة أخرى، والا ماذا قدموه للجنوب وشعبه قبل التهديد؟!.
الأمر الثاني هذه المحادثات تم تغييب فيها الطرف الآخر الجنوب، والشرعية اللذان يمثلان الطرف الآخر في المعادلة القائمة ، في الوقت الذي فيه المملكة العربية السعودية الشقيقة تدّعي بأنها تقوم بدور الوسيط، وفي هذه الحالة تظهر ضبابية مشهد المباحثات هذه، وتقود لشرعنة الحوثيين في مناطق سيطرتهم، وتمهيدًا لمنحهم نصف اليمن شماله وجنوبه، والنصف الآخر لبقية الأطراف اليمنية الأخرى + الانتقالي الجنوبي.
الأمر الثالث، من خلال خطاب المشاط الذي قال فيه إنه كان معد خطاب آخر، وتم تغييره في اللحظة الأخيرة بعد وصول وفدهم من الرياض، وهذا ما يضع العديد من التساؤلات منها :
_هل حقق وفدهم ما أراد؟!
وأن كان كذلك لماذا كل هذه التنازلات من قبل الوسيط؟!.
وعلى حساب من هذه التنازلات، هل على حساب الوسيط نفسه، ام على حساب الجنوب وشعبه وقضيته الوطنية العادلة؟!. اما بالنسبة للشرعية أدت دورها على أكمل وجه، وحققت ما أرادت، سواء كان على الصعيد الشخصي لجميع قيادتها بمختلف درجاتهم ، من كسب أموال وعقارات في العديد من بلدان العالم، أو على الصعيدين السياسي والعسكري ،حيث استطاعت الحفاظ على بقاء وضع الجنوب هش وخارج عن سيطرة الجنوبيين، وانتزع القرار والمال منهم، والحفاظ على بقاء قواتها في محافظات الجنوب النفطية، رغم ضعفها، ولهذا فأن استطاعت تحقيق أكثر من ذلك من الجنوب والجنوبيين ، فهو ما تبحث عنه ، وأن لم تحقق شيء بعد اليوم فهي مكتفية وكسبانة، في كلتا الحالتين.
وفي الختام يبرز السؤال :
من جعل من الحوثي أن يكون عصيًا، ومنتشيًا، وفي موقف المنتصر سياسيًا، وعسكريًا، وسلطة أمر واقع، ولو على مناطق سيطرته ؟!.