حاوره: أحمد الشميري
اكد عضو مجلس القيادة الرئاسي في اليمن قائد ألوية العمالقة الجنوبية عبدالرحمن المحّرمي (أبو زرعة)، أن ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، يمتلك قدرة سياسية متفرِّدة بالموازنة بين دور المملكة الدائم كحليف موثوق، ودورها الراهن كوسيط أمين للوصول إلى سلام مع الحوثيين؛ بناءً على المبادرة السعودية لوقف الحرب، واصفاً السعودية بالسند والجار الوفي.
وقال أبو زرعة لـ«عكاظ»، في أول حوار له مع صحيفة عربية أو دولية: جهود الوساطة السعودية دائماً حاضرة في كل أزمات اليمن، مشيداً بدور وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان في الإشراف والمتابعة والاهتمام، وبجهود وخبرات السفير السعودي في اليمن محمد سعيد آل جابر ودرايته بهذا الملف، متوعداً بمُضي مجلس القيادة في التغيير والإصلاح والتصحيح بعيداً عن المناكفات وتصفية أي حسابات.
وأفاد المحرمي أن مجلس القيادة الرئاسي يتطلَّع لحل سياسي شامل، ويطالب المجتمع الدولي بالضغط على مليشيا الحوثي للرضوخ، داعياً الحوثيين إلى تحكيم العقل والانخراط المباشر في السلام؛ الذي تدعو إليه الوساطة السعودية لإنهاء الحرب. ولفت إلى أن الشعب اليمني في الشمال والجنوب يواجه خطر الحوثي كجسد واحد، مستعرضاً النجاحات التي حققتها قوات العمالقة الجنوبية والتحديات؛ التي تواجه مجلس القيادة الرئاسي والحلول الممكنة لتجاوزها.
وكشف عضو مجلس القيادة، عن تسليم الحوثيين لتنظيم القاعدة طائرات مسيّرة وتدريبهم عليها والتنسيق معهم في تنفيذ الهجمات الإرهابية في عدد من المحافظات المحررة.. فإلى تفاصيل الحوار:
بداية، وباعتبار أن هذا أول حوار من نوعه لكم، هل يمكن أن توضح، للقارئ، كيف بدأت فكرة إنشاء ألوية العمالقة الجنوبية، وعلاقة نائب رئيس الأركان الراحل أحمد سيف المحرمي، بهذه القوات، وطبيعة الدعم الذي قدمه لكم تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية؟
أولاً نشكر صحيفة «عكاظ»؛ التي ظلت مواكبة ومناصرة لنا في معركتنا الوطنية في مواجهة مليشيا الحوثي، وهي واحدة من أبرز وسائل الإعلام المؤازرة لنا وللشعب اليمني، فشكراً لكل الإعلام السعودي.
لا أخفيك أن نواة ألوية العمالقة الجنوبية كانت عبارة عن كتائب قمنا بتشكيلها من قوات المقاومة الجنوبية التي واجهت مليشيا الحوثي في حرب 2015م، في عدن والمحافظات الجنوبية، وكان لتواجد الشهيد اللواء أحمد سيف اليافعي (رحمه الله)، دور كبير كونه قائداً للمنطقة الرابعة ومقرها عدن وفي الفترة التي تحررت فيها عدن ثم نائباً لرئيس الأركان أثناء انطلاق المعارك باتجاه الساحل الغربي بدءاً من باب المندب، وبحُكم خبرته العسكرية والصفة الرسمية التي يحملها فقد لعب دوراً بارزاً في تلك المعارك حتى استشهد بعد تحرير المخاء.
بعد تحرير المخاء وتقدم القوات إلى مناطق أخرى في الساحل الغربي، بدأنا بتشكيل ألوية العمالقة بدعم من قيادة قوات التحالف العربي، والذي لولا هذا الدعم والمشاركة الفاعلة من قيادة التحالف لما تحقق النجاح، وتم تشكيل أربعة ألوية من كتائب المقاومة الجنوبية أطلقنا عليها اسم ألوية العمالقة، ومن هنا بدأ اسم ألوية العمالقة بالظهور، ثم استمررنا في تشكيل باقي الألوية مع توسع مسرح عملياتها في المحافظات المجاورة والساحل الغربي، وتشرَّفنا بقيادتها منذ اللحظة الأولى للتأسيس، وعملنا بكل انضباط والتزام عسكري تطلبته المرحلة، وكان النصر حليفنا في كل المعارك التي خضناها في مواجهة الحوثيين؛ الذين يحملون أجندات خارجية وأيديولوجيا عقائدية مذهبية وطائفية تؤمن بذاتها وتفردها وتلغي الآخرين أو تتخذهم أتباعاً.
حريصون على الانتصار• ظلت صورة (أبو زرعة) غائبة عن العالم، لكنه حاضر بشخصه كقائد يواجه في الميدان طوال السنوات الماضية، وكان أول ظهور له مع أعضاء مجلس القيادة الرئاسي في أبريل 2022م.. فلماذا هذا الاختفاء؟
لم أهتم بظهور صورتي في المرحلة السابقة، وكان اهتمامي بنجاح مهمتنا في قيادة القوات وتنظيمها والانتصار في المعركة، ولست حريصاً على الظهور، ولم نفكر قط بتحقيق إنجاز شخصي، وانشغالنا بالمعارك والحرص على الانتصار كان الهاجس الأول والأهم لي بعيداً عن الإعلام رغم احترامنا وتقديرنا لدوره الكبير.
ظهورنا في أبريل 2022م مع زملائي في مجلس القيادة الرئاسي كان ضرورة تطلبتها المهمة الوطنية في تلك اللحظة بعد تكليفنا لتأدية واجب ومهمة وطنية نرجو أن نوفق بها، وهنا تجد الفرق بين أساسيات العمل العسكري المرتبط بالجبهات والعمل السياسي.
تضحيات من أجل المستقبل
هل إضافة كلمة «الجنوبية» إلى قوات العمالقة تعني أن هذه القوات جنوبية ولا يوجد فيها شماليون، مع أن الكثير من أبناء المحافظات الشمالية يفتخرون بقواتكم ونجاحاتها في الحديدة وتعز ومأرب، بل يطمحون في الانتساب إليها؟
نعم تسمية ألوية العمالقة الجنوبية جاءت لأن جميع منتسبيها من المحافظات الجنوبية، وهناك تنسيق عملياتي مع غرفة العمليات التابعة للتحالف؛ التي تضم غرفة السيطرة على كل مسارح العمليات الحربية، وأن تكون قوات العمالقة جنوبية لا يعني أنها معادية لإخواننا في الشمال، بل على العكس قوات العمالقة قاتلت بكل شرف وبسالة وحررت عدداً من مديريات المحافظات الشمالية في الحديدة وتعز ومأرب واستشهد العديد من رجالنا هناك، وهي ما زالت موجودة في العديد من مديريات المحافظات الشمالية إلى يومنا هذا لتأمينها، وستستمر بذلك انطلاقاً من مسؤوليتها الأخلاقية والوطنية، ونقدِّم شكرنا وتقديرنا لإخواننا في المناطق الشمالية؛ سواء من العسكريين أو المدنيين الذين ساهموا معنا في التصدي للانقلابيين.
نحن الآن نواجه الخطر والتعنُّت الحوثي كجسد واحد في الجنوب والشمال، وكل هذا نقدمه اشتياقاً لمستقبل أفضل ينعم فيه الجميع بالحرية والعدالة تحت قوة القانون.
تنسيق عملياتي بيننا وبين وزارة الدفاع
وما مسرح العمليات الذي تنتشر فيه ألوية العمالقة وقوامها والإمكانات التي جعلتها تشكل كابوساً للحوثيين في ميادين القتال، وهل ترتبط قواتكم بشكل مباشر بوزارة الدفاع اليمنية؟
تنتشر قوات العمالقة الجنوبية في معظم المناطق المحررة ويتركز وجودها في الساحل الغربي من محافظة تعز وكذلك محافظتي الحديدة وشبوة ومديرية حريب (جنوب محافظة مأرب)، كما تقوم بالتدخل في العديد من الجبهات الأخرى في المناطق المحررة.
عوامل نجاح قوات العمالقة الجنوبية وتفوقها على الحوثيين عديدة؛ أهمها توفيق الله ثم صدق وشجاعة المقاتلين واستغلال دعم التحالف العربي واستخدام الدعم في مكانه الصحيح ووضعنا الرجل المناسب في المكان المناسب بهيكل تنظيمي حرصنا عليه وامتلاك قواتنا إمكانات تسليحية مختلفة وقوات بشرية تم تأهيلها وتدريبها في معسكرات تدريبية خاصة تحت إشراف مدربين مؤهلين، ولدينا ضمن قوات العمالقة لواء تدريبي خاص مهمته إعداد وتدريب وتأهيل الضباط والأفراد، أما فيما يخص الارتباط بوزارة الدفاع، نعم هناك تنسيق عملياتي بيننا وبين وزارة الدفاع.
طموحات مجلس القيادة
بعد مرور عام ونصف العام على تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، كيف تقيّمون عمل المجلس والنتائج التي حققها، خصوصاً أنه جاء في فترة هدنة عسكرية وتردي الوضع المعيشي للإنسان اليمني؟
أود الإشارة أولاً إلى أن المسؤولية الوطنية والأخلاقية هي من دفعتني لقبول هذا المنصب، بأمل أن أكون عاملاً إيجابياً في تخفيف المعاناة عن المواطن وتحسين معيشته وترسيخ القانون وإتاحة الفرصة لكل مستحق أن ينال حقوقه ورفع المظالم.
تم تشكيل مجلس القيادة الرئاسي ونقل السلطة إليه كمخرج من أهم مخرجات مشاورات الرياض، وفي فترة كانت بلادنا تشهد هدنة بين الشرعية ومليشيا الحوثي مع أن المليشيا لم تلتزم بالهدنة وتنفيذ الاتفاقات، وكانت الجبهات تشهد خروقات كثيرة، كما أن الطيران المسير لم يتوقف، وطرق محافظة تعز كانت وما زالت مقطوعة، والقصف بين الحين والآخر تجاه مناطق الجنوب، وذلك بعد سنوات من المعارك استنزفت مقدرات اليمن وأفقدته مؤسساته وتدهورت حياة الناس الذين يعيش الكثير منهم على المساعدات الإنسانية؛ التي برز فيها دور مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية وكذلك الهلال الأحمر الإماراتي، خصوصاً في السنوات الماضية، وبعض الجهود التي قدمتها الحكومات المتعاقبة والمنظمات الدولية الأخرى. ومع أن مجلس القيادة حقق بعض الإصلاحات في الجوانب الواجب عليه القيام بها في مؤسسات الدولة؛ منها إعلان اللجنة العسكرية الأمنية التي باشرت مهماتها مباشرة بعد الإعلان، وكذلك إدخال تعديل وزاري أنعش دور تلك الوزارات المستهدفة، وحققنا تغييراً شاملاً في ملف القضاء والمؤسسات القضائية؛ التي أسهمت في رفع إضراب المحاكم، وتعيين محافظ لمحافظة سقطرى، وأدخلنا تغيير وتحسين أداء طيران اليمنية، ومع كل هذا لا أستطيع أن أقول إني أحمل كل الرضا، شخصياً كنت أطمح لحلحلة مواضيع كثيرة ومختلفة؛ وأهمها ملف الكهرباء الذي أتعبنا جميعاً بمنظومة متهالكة.
أشعر بألم عندما تتصادم طموحاتنا بعراقيل روتينية أنتجتها سياسة المحاصصة في الوظائف والتعيينات وتعرقل سرعة المرور إلى تحقيق وتحسين معيشة المواطن، على المستوى الخارجي كان لمجلس القيادة الرئاسي الوجود في كل المناسبات الدولية والمشاركة الفاعلة برئاسة رئيس مجلس القيادة الدكتور رشاد العليمي.
السعودية.. السند والجار الوفي
التقيتم بعد توليكم مهماتكم في قيادة المجلس بولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، كيف قرأتم مواقفه الداعمة لليمن قيادةً وشعباً؟
في لقائنا مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التمسنا روح الإخاء النابع من القلب، كما عهدنا دوماً مواقف السعودية الصادقة مع أشقائها في اليمن، فأكد لنا دعم المملكة للشعب اليمني ولمجلس القيادة الرئاسي ومساندته لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في اليمن حتى التوصل إلى سلام شامل ودائم.
وقد أظهر الأمير محمد بن سلمان، في حديثه قدرة سياسية متفرِّدة بالموازنة بين دور المملكة الدائم كحليف موثوق ودورها الراهن كوسيط أمين للوصول إلى سلام مع الحوثيين؛ بناءً على المبادرة السعودية لوقف الحرب التي أطلقها وزير الخارجية في 2021م، ونحن نعتز ونفتخر بهذه المواقف الأخوية، ولهذا لجأت الشرعية اليمنية إلى طلب تدخل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية؛ لأننا ندرك أنها السند والجار الوفي.
إلى أين وصلت الجهود الأممية والدولية لتحقيق السلام في اليمن، وهل نتوقع مفاوضات مباشرة قادمة؟
دعمت مؤسسة الرئاسة سابقاً ومجلس القيادة الرئاسي حالياً وكل مؤسسات السلطة الشرعية، جهود الأمم المتحدة، وسنستمر في دعمنا للمبعوثيْن الأممي هانس غروندبرغ والأمريكي ليندر كينج والسويدي وسفراء الاتحاد الأوروبي وسفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وجهودهم محل تقديرنا، وذلك على أمل تحقيق سلام حقيقي يعالج كل القضايا، وليقبل الحوثيون أن يكونوا جزءاً من الشعب بعيداً عن التعنت الذي لا يجيدون سواه غير آبهين بحياة الناس ومتخلين عن أي مسؤولية تجاه الشعب؛ الذي يعاني بسبب مغامراتهم وانقلابهم وإصرارهم على أحقيتهم دون غيرهم في الحكم والتملُّك والسيادة.
ولا شك أن الأمم المتحدة نجحت في تحقيق هدنة وتم تجديدها ثم هدنة أخرى ولم تجدد، وعوامل الفشل تعود من جديد في الحوثية التي لا تجد نفسها إلا في الحروب والصراعات، وحسب التجارب، فإن لا أزمة ولا صراع استمر دون العودة إلى طاولة التفاوض والحوار والقبول بالآخر والإيمان بالشراكة الحقيقية والفاعلة دون تبعية أي طرف لآخر أو أحقية جماعة وتميزهم، ولا بدَّ من الجلوس بين الأطراف بمسؤولية وحرص لوضع مسار لإنهاء الحرب والانتقال بالبلد من الحروب إلى السلام والتنمية، ولنا في العديد من التجارب عبرة وعظة.
ونحن في مجلس القيادة الرئاسي، نطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة بممارسة ضغوط حقيقية وفاعلة على مليشيا الحوثي ليس فقط للدخول في هدنة، بل للدخول في مفاوضات الحل الشامل، وفي الحقيقة -شخصياً- أدرك بأن هذه الجماعة غير جادة في البحث عن خيارات السلام، مع أننا في الشرعية نعلن، دائماً، أننا جاهزون للسلام لأننا نود إنقاذ حياة المواطن وتحسين مستوى الخدمات الضرورية التي أصبحت للأسف شبه معدومة.
جاهزون للحسم العسكري
لكن الحوثي مستمر في هجماته ضد الجيش في مختلف الجبهات، فما موقفكم من ذلك، وهل أنتم جاهزون حال فشلت جهود السلام؟
نعم، نحن مستعدون للخيار العسكري والحسم؛ وكنا، في 2018م، قد حررنا أحياء من مدينة الحديدة وكان ميناؤها على مرمى حجر من مواقعنا وكنا قادرين على تحريره وتحرير باقي المديريات لولا تدخل الأمم المتحدة وموافقة الشرعية على توقيف العمليات العسكرية والانسحاب.
نحن في مجلس القيادة الرئاسي والتحالف نقدم الحل السلمي على خيار الحرب ولا نريد قطرة دم تسيل، ولا نرغب في هدم أي مبنى أو منزل أو حتى نزع شجرة، مع إدراكنا أن الحوثي لا يبالي بأي عُرف إنساني أو وطني، ولا يزال يمارس الخروقات في الجبهات، رغم شبهة الهدنة؛ كل يوم خروقات في جبهة الضالع ويافع ومأرب والجوف والبيضاء وتعكير حياة المواطن بقطع الطرق والخدمات.
سلام شامل يُنهي الحرب
كيف تنظرون إلى الوساطة السعودية لتقريب وجهات النظر بين الشرعية والحوثيين، خصوصاً بعد وصول السفير محمد سعيد آل جابر إلى صنعاء؟
جهود الوساطة السعودية دائماً حاضرة في كل أزمة يمنية، دعني هنا أبداً بمثال المبادرة الخليجية؛ التي أعلنتها الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية في 3 أبريل 2011م، لتهدئة الاضطرابات إبان ثورة الشباب اليمنية، والتي ساهمت بنقل السلطة في اليمن وانتهت بانتخابات رئاسية جديدة في فبراير 2012م، ثم اتفاق الرياض بين أطراف الشرعية في 2020م، وكذلك الدعوة للحل الشامل التي أعلنتها السعودية على لسان وزير خارجيتها لإيقاف الحرب باليمن في 2021م، التي رفضتها جماعة الحوثي واستمرت تلك الجماعة بمواصلة الحرب ضد شعبنا وإرسال الصواريخ إلى دول الجوار.
وكذلك مشاورات الرياض، وحالياً السعودية تقود جهود الوساطة مع الأشقاء في عمان ونقدر لوزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان، دوره في الإشراف والمتابعة والاهتمام؛ الذي يمثل سياسة المملكة كما يليق بها وتاريخها وريادتها بالمنطقة.
ولا شك أن لجهود السفير محمد سعيد آل جابر، بحكم خبرته ومعرفته ودرايته بالملف اليمني وقدراته المميزة دوراً كبيراً في المضي بالجهود للنجاح، ونحن على ثقة به وبقيادة المملكة، ومثلت زيارته إلى صنعاء شجاعة إنسانية وسياسية تُحسب للسفير والقيادة السعودية؛ حيث أدرك العالم أجمع وليس فقط الشعب اليمني بأنَّ المملكة مع صُنع سلام شامل يُنهي الحرب؛ التي تقتل الوطن والمواطن اليمني.
وأكرر بأننا نثمِّن ونقدر هذا الدور الكبير للسعودية لتحقيق السلام في اليمن، ونتطلَّع إلى حل سياسي، وعلى الحوثي تحكيم العقل والانخراط المباشر في مشروع السلام؛ الذي تدعو إليه الوساطة السعودية لإنهاء الحرب.
الإفراج عن الأسرى والمختطفين• أين دوركم في المجلس إزاء مماطلة الحوثي في إطلاق المختطفين والأسرى وعدم تحييد الاقتصاد الوطني؟
المجلس الرئاسي بذل ولا يزال يبذل جهوداً كبيرة في سبيل الإفراج عن الأسرى والمختطفين، وقد طلب المجلس من الوفد المفاوض لشؤون الأسرى التمسُّك بإطلاق الجميع على مبدأ «الكل مقابل الكل»، إلا أن مليشيا الحوثي رفضت وفضَّلت استخدام ملف الأسرى كورقة ابتزاز سياسي بكل وضوح في أبشع صورة لانتهاك حقوق الإنسان.
واستخدمت جماعة الحوثي ملف الاقتصاد وعملية تجويع الشعب في مناطق سيطرتها، وعملت على جمع كل الموارد المالية لاستخدامها للمجهود الحربي وتحسين مستوى حياة قيادة الصف الأولى للجماعة، تاركةً المواطن للموت والمعاناة وفي المناطق المحررة. ورغم الهدنة إلا أن الحوثيين أكملوا اعتداءاتهم على الاقتصاد، واستخدموا الطيران المسيّر لقصف المنشآت النفطية في ميناء النشيمة في شبوة وميناء الضبة في حضرموت؛ مما منع عملية التصدير لتحرم الشعب من أهم العائدات المالية التي كانت بالكاد تغطي الرواتب وبعض الخدمات الضرورية.
حالياً الوضع الاقتصادي في أسوأ حالاته، ونعتمد على المساعدات الدولية والدعم الكبير من السعودية، وأُحذر هنا من استمرار الحوثيين في تهديد تصدير المشتقات النفطية وإدخال البلد كله في أزمة اقتصادية قد تخلق عقبات أمام السلام ومزيداً من الصراع والفوضى، ويأتي هنا دور المجتمع الدولي للعب دور أكثر تأثيراً وفعالية للضغط على الحوثيين لإيقاف هذه التهديدات.
في ظل الدعم السعودي السخي للمجلس الرئاسي اليمني؛ الذي أعلن إبان تشكيله بثلاثة مليارات بالتساوي مع الإمارات وآخرها منحة 1.2 مليار دولار.. برأيك أين تذهب كل هذه الأموال مع أن الريال اليمني يواصل انهياره، ومن يقف وراء كل هذه الأزمات الخانقة؟
نقدّر الدعم السخي الذي قدمته وتقدمه السعودية والإمارات ووقوفهما مع الشعب، ولولا هذا الدعم ورفد البنك المركزي بهذا المبلغ لكنا في وضع أكثر سوءاً، ولشهد الريال اليمني تراجعاً أكبر بأضعاف مما هو عليه اليوم، خصوصاً في ظل وجود خلل في الأداء الحكومي في التعامل مع السياسات النقدية والعجز عن تثبيت سعر الريال اليمني.
المحاصصة أضرت بالعمل الحكومي
أين دوركم في المجلس إزاء عدم تفعيل المنظومة التشريعية والرقابية وتطبيع الوضع لعودة كل الوزراء والمسؤولين وأسرهم للعمل من العاصمة المؤقتة (عدن)؟
مجلس النواب هو السلطة التشريعية للدولة وهو الذي يقرّ القوانين والسياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة، ولا شك أن هناك العديد من الاختلالات والسلبيات تتطلب تفعيل وهيكلة أجهزة الرقابة؛ ممثلة بالجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وتشكيل هيئة مكافحة الفساد؛ وفق معايير التخصص والنزاهة بعيداً عن المحاصصة؛ التي أضرت بالعمل الحكومي طوال الفترات السابقة، والتي كانت على حساب الكفاءة والنزاهة والتخصص.
نحتاج قراراً للتخلص من أي قوانين سابقة تحمي كبار الفاسدين واعتماد التدوير في المواقع المهمة حتى لا تتحول إلى أملاك خاصة لمن يرأسها وكذلك تتكون فيها بيئة فساد آمنة، ودورنا في ذلك متابعة الحكومة في تفعيل الأجهزة الرقابية.
بالنسبة لعودة الوزراء والمسؤولين إلى عدن، كان قبل أيام مدير مكتب رئيس مجلس القيادة الرئاسي قد أصدر تعميماً بهذا الخصوص بعودة كل المسؤولين إلى عدن، ونطلب منهم الجدية في التنفيذ.
لكن هناك مزاعم أن قيادات الانتقالي الجنوبي تقف حجر عثرة أمام عودة كامل كوادر الحكومة للداخل؟
هذا غير صحيح إطلاقاً، بل إن المجلس الانتقالي وكل قياداته عامل مساعد لعودة المؤسسات الحكومية وكل موظفيها ولم تحدث إطلاقاً عملية منع أي شخصية من العودة من الخارج، ولكن هناك بعض الإشكالات في عدم جدية بعض الوزراء في أداء مهماتهم بالشكل الصحيح في المناطق المحررة، وهنا أؤكد، مجدداً، بأن عدن آمنة ومستقرة ولا يوجد ما يعكر صفو وجود القيادات الحكومية.
هل يمكن أن توضح لنا واقع الحكومة اليمنية في ظل غياب هيئة الرقابة؟
شددنا عبر مجلس القيادة على أجهزة الرقابة وعملنا على معالجة الاختلالات في العديد من الملفات، ونأمل في تحقيق مستوى أفضل، وفيما يخص الخطوط اليمنية الناقل الوطني الوحيد، فقد أعدنا هيكلة مجلس الإدارة فيها وتم تعيين أعضاء جدد في الإدارة العليا لها.
نحن بحاجة إلى الكثير من الإصلاحات والرقابة والشفافية في العمل، والعمل وفق خطط من شأنها الحفاظ على المال العام وترشيد استهلاكه، والحكومة ملزمة بفتح باب المناقصات والتنافس للجميع من أجل الحصول على المشاريع والخدمات بالأسعار المناسبة التي من شأنها الحفاظ على جزء كبير من الأموال التي تهدر.
قصة اقتحام قصر المعاشيق
لكن هناك وسائل إعلام زعمت أن عناصر تابعة لكم اقتحمت قصر المعاشيق رغم نفيكم.. هل يمكن أن توضح لنا ما حصل، وإلى أين وصلت نتائج لجنة التحقيقات التي شُكّلت برئاسة وزير الدفاع؟
حرصنا أن تكون قواتنا مؤسسية وملتزم ومنضبطة، وعملنا على ذلك من خلال التأهيل والتدريب، وهي التي تضع على رأس مهماتها حماية المواطن والمؤسسات بعيداً عن أي حسابات، والجميع يشهد بذلك، وفيما يخص سؤالك فقد نفينا ذلك، وبعيداً عن المناكفات والتأزيم الذي ينتهجه صُنَّاع الأزمات؛ الذين لم يقدروا أهمية المرحلة ومتطلباتها وأولوياتها، أعتب هنا على بعض وسائل الإعلام التي شاركت في هذه الحملة ومنحت مساحة على شاشاتها لتمرير تقارير مغلوطة ومعلومات غير صحيحة، ولو أنهم كلفوا أنفسهم بالتواصل مع مكتب الرئاسة لوجدوا المعلومة الصحيحة.
وأكرر بأننا سنظل داعمين لكل مؤسسات الدولة وكل مسؤول يحرص أن يعمل بجد من أجل التخفيف على المواطنين وتحقيق مستوى مقبولٍ؛ وفق الإمكانات وبعيداً عن صنع الأزمات واختلاق المبررات، وندعم أي لجنة تبحث عن الحقيقة في كل المواقف والأحداث.
ما نتائج الفريق الذي شكلتموه لمتابعة المشاريع الخدمية في عدن؟
لأهمية المشاريع الخدمية التي أصبح المواطن بحاجتها مع تدهور الخدمات وتعثر الكثير من المشاريع الخدمية بسبب غياب الرقابة الحكومية، شكلنا فريقاً يتابع ويشرف على المشاريع التنموية التي تخدم المواطن، وهو مستمر في متابعة متواصلة للمشاريع في عدن والمحافظات المجاورة، وقد حرك العمل نحو إنجاز مشاريع كان بعضها متوقفاً لأسباب بسيطة ولا تستحق التوقف أو التعثر.
الفريق أشرف على متابعة مشاريع مهمة؛ منها المحطات التحويلية لتصريف الطاقة لمحطة كهرباء الرئيس هادي التي ستدخل إلى الخدمة قريباً بقدرتها الكاملة 260 ميجا، وكذلك محطة الطاقة الشمسية التي يجري حالياً تركيبها في عدن، وكذلك مشروع سد وادي حسان الزراعي في محافظة أبين، ويتابع الفريق مجموعة من مشاريع تابعة لصندوق صيانة الطرق والجسور وأيضاً يساهم في حملة ضبط الأوزان على الطرقات للحفاظ عليها.
كيف تنظرون إلى دور اتفاقية الرياض في جمع شمل اليمنيين وتوحيد صفوفهم؟
اتفاقية مشاورات الرياض التي رعتها السعودية بين أطراف المنظومة الشرعية وجد لمعالجة نتائج أحداث 2019م، وهي أساس مهم لضبط عمل المؤسسة الشرعية وتنظيم العلاقة بين الأطراف والحفاظ على الوفاق في هذه المرحلة الحساسة والمهمة، وقد كان لها دور كبير في جمع الفرقاء وتوحيد صفوفهم ورسم خارطة لطريقهم نحو المستقبل وسنظل ندعمها ونؤكد على أهميتها.
إلى أين تذهبون في رؤيتكم لمستقبل اليمن؛ فك الارتباط أو بناء دولة اتحادية جامعة لكل اليمنيين أسسها المساواة والعدل في تقاسم السلطة والثروة؟
هذه الخيارات المصيرية يحددها الشعب، ولا نريد أن نرتكب أخطاء من سبقونا الذين غامروا بمصير الشعب وتحمل المواطن عواقب الأخطاء الماضية، بالنسبة للجنوب هناك إطار خاص لحل قضية الجنوب في حوار الحل النهائي في اليمن وتم الاتفاق على ذلك في مشاورات الرياض.
الحوثي والقاعدة
شهدت عدن وأبين هجمات إرهابية كبيرة راح ضحيتها قيادات بارزة، من يقف وراء هذه الهجمات، وما علاقة الحوثي بالتنظيمات الإرهابية؟
من الواضح أن العمليات الإرهابية التي استهدفت عدن، وأخيراً أبين وتنفذها الجماعات الإرهابية لها ارتباط وثيق بمليشيا الحوثي، لا سيما أن المناطق التي توجد فيها العناصر الإرهابية بمحافظة أبين محاذية لمحافظة البيضاء التي تسيطر عليها المليشيا، وهناك يتم إيواء وتدريب عناصر تنظيم القاعدة لاستخدامهم في زعزعة الأمن في المناطق الجنوبية منها عدن وأبين وشبوة، حيث سلمت مليشيا الحوثي لتنظيم القاعدة الإرهابي الطيران المسير ودربتهم على إطلاقه.
وبالطبع يمثّل الإرهاب تحدياً كبيراً ويتطلب وقوف الجميع لمحاربته، وما تشهده مناطق أبين من نشاط لعناصر هذا الفكر المتطرف أمرٌ يستدعي الوقوف بحزم أمام هذه الظاهرة، ونحيي القوات المرابطة التي تقف لهم بكل شجاعة وبسالة، وندعو الله أن يرحم الشهيد عبداللطيف السيد ورفاقه الذين اغتالتهم الجماعة قبل أيام، وواضح وجلي التخادم والتعاون بين الحوثيين والجماعات الإرهابية، وذكرت ذلك في العديد من التقارير الدولية وكذلك المؤشرات وتقاطع المصالح بين الطرفين.