كتب الصحفي الأردني عمر المحارمة مدير تحرير صحيفة الدستور الأردنية
تاريخ النشر: الخميس 19 يناير 2023
- الساعة:09:48:07 - متابعات _ الناقد برس
أحيانا تدفعك معرفة جديدة لمراجعة قناعات ومباديء قديمة.
أنا في الجنوب العربي-عدن منذ الجمعة الماضية، في رحلة ترددت كثيرا قبل مباشرتها بسبب الصورة النمطية عن الأحوال في المنطقة، لكن الآن وبعد خمسة أيام في الجنوب العربي لا أبالغ إن قلت: أنني في أمتع رحلات حياتي،
أولا من حيث القيمة المعرفية وزخم المعلومات الجديدة التي حصلت عليها هنا،
وثانيا من حيث دفء الاستقبال وكرم الضيافة، وثالثا لأنني وللمرة الأولى أذهب لتغطية حدث أو قضية فأشعر أنها باتت جزءا مني وأنني بت جزءا منها.
في الجنوب العربي قضية كبيرة لشعب عاش الظلم والتهميش وسلب المقدرات لسنوات طويلة لأنه إنساق يوما خلف حلم العرب بالوحدة فأنجز وحدته مع اليمن قبل أن تدرك قواه الاجتماعية والفكرية والسياسية أن بلدهم توحدت بالعاطفة دون وضع قواعد متينة تجعلهم شركاء في الدولة الواحدة، فتعرضوا لكل أنواع القمع والظلم وسلب الموارد وزرع بذور الفتنة، والقضاء على كل منجزاتهم الحضرية، وعندما حاولوا استعادة حقهم تعرضوا لعملية قمع ذهب ضحيتها عشرات الاف الشهداء.
يعتقد البعض -وأنا كنت منهم- أن اليمن في عام ١٩٩٠ عادت دولة واحدة كما كانت في عقود أو قرون سابقة، لكنني اكتشفت أن اليمن إقليم جغرافي كالمغرب العربي أو بلاد الشام، لكنه يختلف عنهما أنه لم يكن تاريخيا، ولا في اي فترة دولة واحدة وانما كان ينقسم الى الشمال حيث كانت دولة الإمامة قبل إعلان الجمهورية العربية اليمنية ومشيخات وسلاطين في الجنوب قبل ان تتوحد عام ١٩٦٢ تحت اسم جمهورية اليمن الديموقراطي التي كانت واحدة من النماذج التقدمية التي تأثرت بضعف وسقوط الاتخاد السوفيتي.
الجنوب العربي هي التسمية التي يفضلها الناس هنا ويشيرون الى الشمال باعتباره جار شقيق ويريدون استعادة دولتهم التي كان التعليم والصحة فيها مجانيان، والتي كانت منارة ثقافية وفكرية وشعب بلا أميه بينما كانت نسب الامية تفوق نسب من يقرأ في غالبية الدول العربية الأخرى.
باختصار ولكثير من الأسباب التي سمعتها أجد نفسي مع استقلال الجنوب- استقلال وليس انفصال- واستعادة حقه في دولته وتقرير مصيره، رغم أنني لم أكن اتخيل يوما أنني سأدعم أي فكرة لتجزئة المجزء من عالمنا العربي.
هذه رأي وموقف في عجالة ولنا معه وقفة أكثر تفصيلا لاحقا.