بـ"الصديق السري الجديد".
قال قيادي في الانتقالي الجنوبي اليمني، إن السلام مع إسرائيل بالنسبة لهم "مطمع ومطمح".
لم يعد التطبيع العربي أمراً مخجلاً لدى البعض، بل خرج من خلف كل تلك الأبواب المغلقة وأصبح يتردد على لسان كثيرين، خصوصاً مع تسارع وتيرة التطبيع بين دولة الاحتلال الإسرائيلي ودول عربية منذ بداية العام الماضي.
ويبدو أن الإمارات قد اعتبرت مسألة التطبيع مع "إسرائيل" أمراً واقعياً مع الإعلان الرسمي، وبدء العمل باتفاقيات رسمية، وإرساء قاعدة التطبيع بين دولة الاحتلال وحلفاء أبوظبي في دول عربية، كما هو الحال مع القوات الموالية لها التي انقلبت على الحكومة الشرعية جنوب اليمن.
هذه التطورات جاءت بالتزامن مع سيطرة "الانتقالي الجنوبي" على معظم مناطق جنوب اليمن الاستراتيجية، وهو ما يطرح تساؤلات حول أن "أبوظبي قد تقدم موطئ قدم لتل أبيب عبر المجلس الانتقالي الساعي لانفصال جنوب اليمن"، وفق ما يتساءل عنه يمنيون.
وبينما أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 13 أغسطس 2020، توصل "إسرائيل" والإمارات إلى اتفاق لإقامة علاقات رسمية بينهما، كان المجلس الانتقالي الجنوبي الممول من أبوظبي، من أوائل المرحبين بتلك الخطوة.
وقال المجلس: "إن اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل يعد قراراً شجاعاً من قائد حكيم"، في إشارة إلى ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.
واعتبر نائب رئيس المجلس هاني بن بريك، عبر صفحته الموثقة في موقع "تويتر"، أن الاتفاق "وضع خريطة طريق نحو تعاون مشترك مع إسرائيل وصولاً لعلاقات ثنائية"، مضيفاً: إنه "يخدم خيار العرب في حل الدولتين، وإنهاء المتاجرة بالقضية"، وفق تعبيره.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل أعلن بن بريك نيته زيارة "إسرئيل"، بشرط توقيع اتفاقية التطبيع بين أبوظبي و"تل أبيب"، قائلاً: "إذا فُتحت زيارة الجنوبيين (اليمنيين) لتل أبيب فسأزور اليهود الجنوبيين في بيوتهم".
ويبدو أن وسائل الإعلام العبرية مهتمة بشكل كبير بما يدور في جنوب اليمن، فقد نشرت صحيفة إسرائيلية تقريراً قالت فيه: "خلف الأبواب أُعلِنَ قيام دولة جديدة في الشرق الأوسط، ليس هذا فحسب، إنما ستكون الصديقَ السريَّ الجديد لإسرائيل".
وكان هذا ما ورد في تقرير نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم"، في 23 يونيو 2020، تحدَّث عن "قيام دولة جديدة في جنوب اليمن، ستكون مدينة عدن عاصمتها"، وأشار إلى أن "قيادتها تغازل الدولة العبرية بمشاعر ودية وموقف إيجابي".
وبحسب الصحيفة، رد عديد من الإسرائيليين بشكل إيجابي على هذا الود وأرسلوا تحياتهم إلى "الدولة المستقلة الجديدة في اليمن"، في إشارة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي -المدعوم إماراتياً- الذي يسيطر على مساحات في جنوب اليمن، خاصةً جزيرة سُقطرى.
وقالت مصادر مختلفة في حديثها لـ"إسرائيل اليوم"، التي تُعد من وسائل الإعلام المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن "تل أبيب" تُجري اجتماعات سرية مع حكومة جنوب اليمن، بقيادة عيدروس الزبيدي.
تلك المعلومات أكدها موقع "إنتليجنس أونلاين" في تقرير له، الأربعاء 22 يوليو، حيث أفاد بأن المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، المدعوم إماراتياً، بات يجري محادثات سرية مع "إسرائيل".
ووفق الموقع فقد أبدى حليف الإمارات باليمن استعداده لإقامة علاقات مع "إسرائيل"؛ وذلك لتحقيق أهداف اقتصادية وأمنية.
وكان المجلس الانتقالي الجنوبي أعلن، في 25 أبريل الماضي، حالة الطوارئ بمدينة عدن والمحافظات اليمنية الجنوبية كافة، وتولّيه إدارتها ذاتياً، عوضاً عن السلطات المحلية التابعة لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دولياً، بعد انقلابه على الحكومة، في أغسطس 2019.
وبينما كان يتوقع كثيرون أن يخرج الانتقالي الجنوبي اليمني نافياً تلك التصريحات، ومستنكراً لها، فقد برز القيادي السلفي هاني بن بريك، نائب رئيس ما يعرف بالمجلس الانتقالي، المدعوم من الإمارات، مبرراً ما نُشر، قائلاً إن السلام مع "إسرائيل" بالنسبة لهم "مطمع ومطمح"، مؤكداً استعدادهم لإقامة العلاقات مع أي دولة ستساعدهم على إعادة دولتهم.
وفي بث مباشر له على "تويتر" قال بن بريك: "اليهود جزء من العالم وجزء من البشرية ونحن مع السلام.. ولو كان لنا علاقة مع أبناء عمومتنا اليهود ودولة إسرائيل فسنعلن عنها".
وأضاف معلقاً على حديث صحيفة إسرائيلية حول وجود اتصالات سرية بين "الانتقالي" و"إسرائيل" قائلاً: "نحن لا نعادي أي دولة في العالم ولا ديانة، إلا من يتعرض للجنوب.. هذه مسلماتنا".
من جانبه قال الخضر السليماني، مدير مكتب العلاقات الخارجية للمجلس الانتقالي، إن المجلس جزء لا يتجزأ من المنظومة العربية، مبدياً استعداد المجلس لإقامة علاقات مع "إسرائيل" إذا لم يتعارض ذلك مع مصالحه الوطنية، حسب تعبيره.
يقول الباحث والكاتب السياسي اليمني د.عادل دشيلة، إن "الكيان الصهيوني" نجح في تثبيت أقدامه في القرن الأفريقي من خلال بناء قاعدة عسكرية في إرتريا، وهو "ما يرغب في حدوثه بسقطرى اليمنية بواسطة الإمارات".
ويضيف في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "الآن يبدو أنّ الإمارات ترتب الوضع في سُقطرى من أجل افتتاح قاعدة عسكرية إسرائيلية-إماراتية في الجزيرة، لمواجهة قوى إقليمية صاعدة، ولهذا يبدو أن إسرائيل تحاول إقناع أمريكا بتمكين الانتقالي من السيطرة على الجنوب اليمني".
ويرى أن قوات المجلس الانتقالي تبحث حالياً عن "انتزاع شرعية إقليمية ولو كان ذلك على حساب الثوابت الوطنية اليمنية".
ويشير في حديثه إلى ما قاله قيادي في المجلس، خلال تصريح له بأن مجلسه "لن يقف ضد أحد"، وأنه إشارة واضحة إلى أنه "مستعد حتى للاعتراف بالكيان الصهيوني طالما سيساعد المتمردين على إقامة دولتهم المزعومة".
ويظل الدافع الإماراتي يمثل علامة استفهام تزداد تضخماً كل يوم مع تكشُّف دورها في المنطقة من اليمن إلى ليبيا والسودان ومصر وتونس وغيرها.
ويؤكد المحلل السياسي اللبناني محمود علوش، أن الإمارات هي من لها الدور البارز في هذه العلاقة "إن صحّ ما يُحكى عن تواصل مزعوم بين الانفصاليين وإسرائيل".
ويقول: "الإسرائيليون مُهتمون بطبيعة الحال بما يجري في جنوب اليمن لعدّة اعتبارات؛ أهمها الموقع الجغرافي الحساس لهذه المنطقة؛ لكونها تُطل على البحر الأحمر، ووجودهم هناك أمر مهم، سواء كان هذا الوجود مُعلناً أم لا".
ويرى في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن هناك توجهاً على ما يبدو داخل المجلس الانتقالي الجنوبي للانفتاح على "إسرائيل"، مضيفاً: "بعض قادة الانفصال يطمحون إلى الحصول على مساعدة إسرائيل في تحقيق حلم الانفصال ويعتقدون أن مثل هذه العلاقة قد تُساعدهم في دفع صانع القرار في واشنطن والعواصم الغربية إلى دعم مشروعهم".
وأضاف: "لقد سبق أن أبدى الإسرائيليون دعمهم لمشروع استقلال كردستان العراق، وبالطبع لن يُعارضوا انفصال جنوب اليمن عن شماله، هذا يتناسق إلى حد كبير مع رؤيتهم للشرق الأوسط الذي يتطلعون إليه".