أكد وزير حقوق الإنسان اليمني محمد عسكر، أهمية إتمام اتفاق عمّان الخاص بتبادل الأسرى بين الحكومة اليمنية والحوثي، والتعامل معه بشكل إنساني، وبرؤية شاملة بحيث يتم تبادل الكل مقابل الكل، بعيداً عن الصراعات السياسية.
وقال عسكر في تصريحات صوتية لـ"اندبندنت عربية" "إن عملية تبادل الأسرى بين الأطراف المتصارعة في اليمن تصبُّ في مساعي السلام، و تمثّل خطوة أساسية في بناء الثقة والسلام خصوصاً عندما يعود الأسرى والمخطوفون لذويهم".
وأضاف "لاشك أن هذا الملف كبير وشائك، ولكن تبادل الأسرى وفقاً لما اتُفِق عليه في العاصمة الأردنية، سيسهم في تعزيز فرص السلام عوضاً عن تجزئة هذا الملف وربطة بالأمور السياسية".
منوهاً إلى أن عرقلة الملف، وتجزئته، وربطه بالقضية السياسية المعقدة، كل ذلك لن يجدي.
وقال "نأمل من الجميع أن يعي خطورة المرحلة، والتعاطي بشكل إيجابي مع مبادرة الرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور في ما يخص ملف تبادل الأسرى".
وكانت الحكومة اليمنية، قد اكدت رفضها تجزئة "اتفاق عمّان" الخاص بتبادل الأسرى مع ميليشيات الحوثي.
وقال وزير حقوق الإنسان اليمني محمد عسكر لـ"اندبندنت عربية"، إن رفض الحكومة جاء بعد سعي ميليشيات الحوثي تجزئة الاتفاق الذي كان قد نصّ على تبادل إطلاق عدد 1420 شخصاً من الطرفين في المرحلة الأولى على أن تتبعه عملية إطلاق الكل مقابل الكل.
وأوضح عسكر، أن الحكومة تؤكد مبدأ التفاوض الذي اتفقت عليه مع الطرف الآخر الحوثيين، وفقاً لمبدأ الكل مقابل الكل، باعتبار أن هذا ملف إنساني بالدرجة الأولى، وأي محاولات لتغيير هذه الصيغة ستكون مرفوضة من الحكومة.
ونفى الوزير اليمني "وجود أي موافقة من قبل الحكومة على تجزئة الاتفاق الذي كان قد أبرم في أبريل (نيسان) الماضي، بعد جولات من التفاوض مع الميليشيات في العاصمة الأردنية عمّان، بإشراف مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث.
وأكد أن وزارة حقوق الإنسان ممثلة في الوفد المفاوض منها، "قدمت من جانبها أسماء المعتقلين كافة، وبانتظار نجاح العملية خلال المرحلة المقبلة".
لا تجزئة
ولإنجاح العملية الإنسانية أكد "اشتراط الحكومة لإتمام عملية التبادل بالعدد الكلي 1420، بما في ذلك 19 أسيراً من أسرى التحالف الداعم للشرعية، وواحد من الأربعة المشمولين بقرار مجلس الأمن، على أن تكون الأولوية للصحافيين والإعلاميين المحكومين في سجون الميليشيات وكبار السن".
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر كشفت، الثلاثاء الماضي، مباحثات تجري حالياً بين الحكومة اليمنية وميليشيات الحوثي، من أجل إطلاق عدد من الأسرى.
أملٌ في الأيام
وفي تصريح بعث الأمل في نفوس أهالي وذوي مئات المعتقلين بسجون الحوثي، نقلت وكالة فرانس برس، عن فرانز راوخنشتاين، رئيس وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر بصنعاء، قوله إن "الأطراف تتحدث اليوم عن إطلاق سراح عدد من المحتجزين ولكن ما زال يتوجب الاتفاق على اللوائح والتطبيق".
وأضاف راوخنشتاين، "نحن نعمل عن قرب مع كافة الأطراف هذه الأيام لتحقيق ذلك، ونأمل أن يحدث ذلك في الأيام والأسابيع المقبلة".
وأكد، أن "اللجنة الدولية للصليب الأحمر ستكون بالطبع مستعدة لتنفيذ الأمر لوجيستياً ومرافقة الأطراف". واستدرك، "لكن لا يزال يتوجب إنهاء بعض الاتفاقات"، دون إبداء المزيد من التفاصيل حول عدد الأسرى المقرر الإفراج عنهم.
جاهزية تبادل الأسرى
وسبق لميليشيات الحوثي أن قالت إنها جاهزة لتنفيذ صفقة تبادل الأسرى مع الحكومة اليمنية المتفق عليها حديثاً في العاصمة الأردنية عمان، لكنها دائماً ما تعود، قبل التنفيذ، لاتهام الحكومة الشرعية بعرقلته.
وذكر رئيس لجنة شؤون الأسرى والمعتقلين التابعة للحوثي، عبد القادر المرتضى، في تغريدة له على تويتر في مايو (أيار) الماضي، أن السعي لتبادل الأسرى "يأتي حرصاً على سلامتهم من خطورة تفشي فيروس كورونا".
مساعٍ لأكبر عملية
وكانت الحكومة اليمنية وممثلين عن ميليشيات الحوثي اتفقوا في فبراير (شباط) الماضي بالعاصمة الأردنية عمّان، على خطة مفصلة لإتمام أول عملية تبادل واسعة للأسرى والمحتجزين منذ بداية الحرب مطلع عام 2015.
وعقب جولة أولى من المباحثات شهدها مقر مكتب بعثة الأمم المتحدة الخاص في عمّان، منتصف يناير (كانون الأول) من العام الماضي، عقدت الحكومة اليمنية والحوثيين مشاورات لبحث تطبيق اتفاق تبادل الأسرى.
ووافق الطرفان في مباحثات السويد التي جرت عام 2018 على تبادل 15 ألف أسير، وسلموا لوائح بأسماء المحتجزين إلى مكتب مبعوث الأمم المتحدة لدى اليمن.
عملية بطيئة
من جانبه حث مارتن غريفيث، المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، "الأطراف على الإسراع في تنفيذ عملية التبادل التي اتفقوا عليها اليوم. كان التقدم بطيئاً للغاية في هذا الملف حتى الآن، ويجب أن تنتهي آلام الآلاف من الذين ينتظرون لمّ شملهم مع عائلاتهم وأحبائهم".
وتتهم الحكومة الشرعية الحوثيين باعتقال أكثر من 18 ألف شخص منذ بداية الانقلاب، وقدم الطرفان لوائح تضمنت أسماء أكثر من 15 ألف أسير ومعتقل خلال مشاورات استوكهولم في ديسمبر (كانون الأول) 2018، دون إحداث تقدم فعلي في هذا الملف الإنساني الذي طال أمده.
لكن في المقابل، سبق لوساطات اجتماعية وقبلية محلية، أن نجحت في إتمام عمليات تبادل العديد من أسرى الجانبين في أكثر من منطقة دون تدخل أممي.
وكانت الحكومة الشرعية عرضت على الحوثيين، في وقت سابق، إطلاق سراح "الكل مقابل الكل"، بما في ذلك شقيق الرئيس عبد ربه منصور هادي، ناصر منصور، ووزير دفاعه السابق، محمود الصبيحي، والقائد العسكري، فيصل رجب، والقيادي في حزب الإصلاح، محمد قحطان، غير أنها وافقت خلال مباحثات عمان على تنفيذ عملية التبادل على مراحل، على أن تتضمن المرحلة الأولى إطلاق أحد الأربعة المذكورين.