تعوّد القيادي ”أبو صرفة“ أن يستيقظ متأخراً من نومه ، يحتسي كوبا من الشاي المركز ! ويأمر مرافقيه بصعود الطقم ، ينطلق بسرعة تتجاوز الـ 120 وكأنه النمرود في الأرض .. ، يشير إلى مرافقية بإطلاق النار أمام كل سيارة تعيق موكبه وقد تأخر موعده مع وجبة المندي الذي يستهلها بعد شراء القات السمين باهظ الثمن .
لم تكن مشاهد القيادي أبو صرفة هي الاولى ، حيث بات المواطنون البسطاء الذين لا حول لهم ولا قوة يعيشونها بشكلاً يومي .. وبأسم الوطن والوطنية يتم إذلال الناس وتسلب حقوقهم وتصادر اراضيهم ويُقتل ابناءهم ، ويُسجن الصالح ويغض الطرف عن الطالح ، ويُحرم ذلك المواطن من أبسط الحقوق المكفولة له.
أصبحت الوطنية اليوم وهماً يتغنى به وجسراً للعبور إلى تلك الاغراض والمنافع الشخصية التي يقودها الثوار الجُدد ، لم يكن ذاك الوطن المتشظي والمُثخن بالجروح همهم الشاغل ، بل كانت إرادة الوصول الى طريقة سلبه ونهبه .. هو المقصد وهو الهدف وهو الطريق الأسرع الذي اختاروه لسرقة ما يمكن سرقته .
الوطن الذي لا زالت جروحه لم تبرأ ، يتمثل في هيئة ذلك المواطن السبعيني الهزيل الذي يقف تحت حرارة الشمس ، يسترجي املاً في الحصول على مرتب لا يتجاوز الـ 40 دولار ، ومع ذلك يعود إلى منزله الذي يفتقر الى المواد الغذائية والخدمات خائباً متحسر ، يلعن الشلة الحاكمة التي اوصلت البلاد الغنية إلى هذا الحال .
تتعدد الطرق احيانا في نهش الوطن المجروح ، احدهم بأسم الدولة والمؤسسات والسيادة ، وآخر بأسم الوطن والثورة والشهداء .. الا أن الوطن والشهداء والدولة بريئون منهم ومن افعالهم التي لم يشهد لها التاريخ مثيل ، أفعال اوصلت المواطن والوطن الذي يعيش فيه الى الحضيض ، وسط ابواقاً وطبولاً توهم العالم أننا بخير ونحن لسنا كذلك !!