هكذا بصمت ودون أي ضجيج يرحل الشرفاء والمخلصون من أبناء وطني، تاركين خلفهم فراغًا كبيرًا وغصةً في القلب تحكي ألف حكاية وحكاية عن الصدق والإخلاص والمبادئ العظيمة والولاء لله ثم للوطن وللقضية..
صبيحة يوم أمس الأول الأحد حملت لنا رياح الحزن القادمة من ردفان خبرًا حزينًا هزّ وجداننا من هول فداحته ومصابه الجلل، ولكنها الأقدار ومشيئة الله سبحانه وتعالى في خلقه، ولا راد لقضائه ومشيئته، حيث حملت لنا أخبار الصباح نبأ وفاة الأستاذ/ محمود عبدالله مثنى الردفاني، التربوي القدير والمسؤول النزيه والشريف والسياسي والكاتب الذي جنّد قلمه لنصرة القضية الجنوبية والدفاع عن المجلس الانتقالي بالحجة والبرهان، مسخرًا قلمه وجهده للوقوف ضد الحملات التي يتعرض لها الجنوب وشعبه من قبل القوى والأحزاب السياسية الشمالية وأعداء الجنوب وشعبه، ظل حاملا شرف المهنة والأمانة ولم يساوم بقضية شعبه ووطنه ولم ينحرف يوما من الأيام عن مسار نهجه الذي اختطه منذ نعومة أظافره حتى وفاته.
لن أبالغ لو قلت بأن هذا الرجل الذي عرفته منذ تولى مهام الأمين العام للمجلس المحلي بردفان من أنبل وأشرف رجال ردفان الذين لم تتلطخ أياديهم بفتات الأموال التي كان بإمكانه الحصول عليه أثناء توليه المناصب القيادية التي تولاها بعد انخراطه في العمل السياسي، حيث عمل مديراً لأراضي وعقارات الدولة ثم رئيساً لفرع حزب المؤتمر الشعبي العام في المديرية، ثم انتُخب عضواً للمجلس المحلي وأميناً عاما لسنوات عديدة .
لقد حزنت إيّما حزن وأنا أطيل التأمل في الصورة التي وصلتني من مراسيم تشييع هذا الإنسان النبيل والشريف الذي لم يمتلك سيارة فارهة أو مسكنًا رغيدًا أو أي أرصدة بنكية غير رصيده النضالي وخدماته التي قدمها لأبناء مديريات ردفان خاصة والجنوب عامة حيث جرى تشييعه بصمت وبدون أي ضجيج وبمشاركة رمزية من قبل أصدقائه وأقاربه وكأنها حكمة الرب بهذا الرجل الذي عمل بصمت وغادر هذه الدنيا بصمت وجرى تشييعه كذلك بصمت بعيدًا عن مواكب السيارات وحضور القادة والضباط الذين يتقاطرون لالتقاط الصور وتقدم صفوف المشيعين لأي جنازة دون النظر إلى ثقل ومكانة صاحبها.
عزاؤنا لأقارب وذوي الفقيد الإنسان "محمود عبدالله مثنى" ولأبناء ردفان كافة بهذا المصاب الجلل، ونسأل الله جل في علاه أن يتغمده بواسع الرحمة والمغفرة ويسكنه فسيح جناته، فسيرة مثله من الرجال الشرفاء والمخلصين يحق أن تدون وتذكر في سجلات المجد والشرف.