ربما لا توجد محافظة تتوفر فيها مقومات الاستثمار أكثر من محافظة حضرموت، تماماً كما لا يوجد رأس مال ينتمي إلى محافظة يمنية أكثر من رأس المال المتواجد في حضرموت. مع ذلك، لم يزر الاستثمار محافظة حضرموت وظلت بعيدة عنه وإن حضر فبشكل قليل أو صغير لا يكاد يذكر.
بكل تأكيد هناك مشكلة تحول دون توافد الاستثمار إلى المحافظة، وهي المشكلة ذاتها التي عطلت الحياة الاقتصادية ومنعت المحافظة الاستفادة من الميزات التي تؤهلها لأداء دور اقتصادي يتعدي حدودها لتكون على مستوى البلاد.
ليس خافياً، أن التهريب الذي يزدهر العمل فيه بمحافظة حضرموت هو المشكلة الأساسية، التي أبعدت رؤوس الاستثمار عن المحافظة. كما يبدوا واضحاً، تحولت سواحل المحافظة إلى منافذ للتهريب وحتى بعض الموانئ. تهريب يشمل مختلف المواد بما في ذلك السجائر والأسمدة والمواد الغذائية والأدوية، والأمر ليس مقتصرًا بالطبع على سواحل محافظة حضرموت فقط بل في جميع السواحل الشرقية
في كثير من الأحيان تصل المواد المهربة فاسدة ومنتهية الى السوق في المحافظة بسبب ظروف نقلها أثناء التهريب. خلال الفترة الماضية تشكلت عصابات منظمة تعمل في مهمة التهريب من البحار وصولاً إلى توزيع البضائع على الأسواق وبينهما نقل البضائع إلى المديريات وأيضاً إلى المحافظات الأخرى.
تنمو هذه العصابات إلى درجة التأثير على الوضع في المحافظة وحرمانها من أن تكون واجهة لرؤوس الأموال والاستثمار سيما وأنها ظلت بعيدة عن الحرب والتوتر خلال السنوات القليلة الماضية، وكانت آمنة إلى درجة ما باستثناء التهريب.
اكثر الخاسرين من غياب الاستثمار هم أبناء المحافظة, فقد هؤلاء الآلاف من الفرص الوظيفية في مختلف التخصصات، والمساهمة في النهوض بمحافظتهم. بدلاً عن ذلك، انخرط طيف من الشباب في مهمة التهريب سواء في النقل البحري أو في البر. وهذه ظاهرة لابد من التنبه لها، باعتبارها ستنعكس سلباً على الوضع الاجتماعي في المحافظة.
لا ننفي جهود السلطات الأمنية والعسكرية في المحافظة بمواجهة هذه الظاهرة، هناك جهود تبذل وقبض على بعض العصابات، لكن المحافظة تحتاج إلى استراتيجية شاملة للتعامل مع هذه الظاهرة، تتضمن جهود أمنية وإعلامية توعوية وجهد مجتمع ينقذ المحافظة من الخطر الذي قد يوسع انتشاره فيها ويؤثر على مستقبلها.