فهد البرشاء كادر أضاعته الدولة
أنور الصوفي
تاريخ النشر: الاثنين 24 يونيو 2019 - الساعة:15:07:33
من منا لا يعرف العلم فهد البرشاء، ومن منا لم يطرب يوماً لكتاباته، وينتشي لعذوبة كلامه، وجميل طرحه، وحسن رده، وأخلاقه الرفيعة العالية.
فهد البرشاء قلم ألمعي، سخَّر قلمه في مصلحة المنطقة، قارع بقلمه العدو المليشاوي الذي اجتاح المنطقة، فدمروا منزله، وأحرقوا ممتلكاته، وانقطع سبيل العيش الذي كان يتسلم منه راتبه في القطاع الخاص جزاء موقفه، ورداً على ما يطرحه قلمه، ورغم ذلك لم ييأس بل ظل قلمه مرفوعاً، وظلت هامته عالية، فمثل هذا الشاب كلما عركته الحياة قوي عوده، واشتد عضده.
ذهبت الحرب مخلفة وراءها معاناة الناس في المنطقة الوسطى، وكان لمنطقة البرشاء (العين) النصيب الأوفر من التدمير، وكان للبرشاء نفسه النصيب الأجزل، فقد دمرت الحرب كل ما لديه، حتى مذكراته، أكلتها الحرب، لم تترك تلك الحرب اللعينة للفهد إلا أطلالاً لمنزله المدمر، وممتلكاته المحروقة، لم تترك له إلا ذكريات جميلة كان يعيشها هذا الشاب المتطلع لوطن يسوده العدل، والسلام، وتحضنه المحبة، والوئام، ولكن الحرب لا تعترف إلا بالدمار، وكان جزاء من وقف في وجهها التدمير، والبرشاء من الأقلام النجيبة التي وقفت في وجه الحرب، لهذا نال نصيبه منها، ولا أبالغ أن قلت إن نصيبه كان الأوفر.
ذهبت الحرب، وعاد السلام، وعاد البرشاء متألقاً، وكأن الحرب لم تداهمه، فهو شاب لا يبالي بما مضى، بل ولا يعرف طريق الاستجداء، فلم يصله ريال واحد من التعويضات، لم يلهث وراء المسؤولين ليحصل على شيء منهم، ولكنه عاد لمزاولة عمله في القطاع الخاص الذي منه يعيل أسرته، فلا يأكل الفهد إلا من عرق جبينه، وليس له سبيل إلى الجيف المرمية في الطريق، لم يترك البرشاء القلم، ولم تفارقه الكلمة الحرة، بل ظل حاملاً قلمه، ليدافع عن المنطقة وعن الخدمات فيها، فكلما رأى خللاً في مرفق من المرافق صرخ بأدبه الجم، وبكلماته الراقية، فيا له من كادر أضاعته الدولة، ويا له من كادر لم يبحث عن المجد، بل المجد هو من بحث عنه ليتشرف به.
لقد كان للبرشاء صولات وجولات أيام الحرب الحوثية التي اجتاحت المنطقة الوسطى، فلم يهدأ له بال، وهو يرى منطقته تداهمها تلك المليشيات، فقارعهم بقلمه، فانتصر مع رفاقه على تلك الجماعات، وعاد السلام للمنطقة، وعاد الجريح فهد البرشاء، لينظر في واقع منطقته، وتخلف الخدمات فيها، فعاد لجبهة القلم ليواصل نضاله حتى تعود الخدمات، فلله درك يا فهد، ولا تنتظر شيئاً من الدولة، فهم لم ولن يقيموا للأبطال أمثالك وزناً، فالميزان العدل عند الله، فأنعم به من ميزان.